للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وعن ابن عمر: «أنه أقبل من الجرف حتى إذا كان بالمربد تيمم فمسح وجهه ويديه، وصلى العصر ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة فلم يعد الصلاة» (١).

قال الشافعي: (الجرف) قريب من المدينة.

الصحيح أن المسافر يتيمم في سفره -إذا عدم الماء- سواء سافر لطاعة أو لمعصية، لأن التيمم عزيمة فلا يجوز تركه بخلاف بقية الرخص، ولأنه حكم لا يختص بالسفر فأبيح في سفر المعصية كمسح يوم وليلة (٢).

قلت: ولأنه لا يسقط عنه فرض فلزمه أن يحقق شرط صحتها (التيمم) ويبقى في حقه الإثم لأجل سفر المعصية. والله أعلم.

من كان معه ماء لا يكفي إلا لبعض أعضائه: فلأهل العلم في هذه المسألة مذهبان:

الأول: أنه يغسل ما استطاع من أعضاء ويتيمم عن الباقي:

وهو مذهب أحمد، وأحد القولين للشافعي، وبه قال ابن حزم (٣) وحجتهم:

قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (٤).

وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم» (٥).

قال ابن حزم: وهذا مستطيع لأن يأتي ببعض وضوئه أو ببعض غسله، غير مستطيع على باقيه، ففرض عليه أن يأتي من الغسل بما يستطيع في الأول من أعضاء الوضوء وأعضاء الغسل حيث بلغ، فإذا نفد لزمه التيمم لباقي أعضائه ولابد، لأنه غير واجد للماء في تطهيرها، فالواجب عليه تعويض التراب كما أمره الله تعالى ... اهـ.

الثاني: أنه يتيمم ابتداء: وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وأحد القولين عند الشافعية، وبه قال جماعة من السلف (٦).


(١) إسناده صحيح: أخرجه مالك (الطهارة - ص ٧٣)، والبيهقي (١/ ٢٢٤).
(٢) المحلى (٢/ ١١٦)، والمغنى (١/ ١٤٨).
(٣) المحلى (٢/ ١٣٧)، والمغنى (١/ ١٥٠)، والأوسط (٢/ ٣٢).
(٤) سورة التغابن، الآية: ١٦.
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (٧٢٨٨)، ومسلم (٣١٩٩).
(٦) المجموع (٢/ ٣١٢)، ومجموع الفتاوى (٢١/ ٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>