للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنى للمسلم وهو الذي يتمتع بالأفق الواسع، والعقل الراجح، فلا تستخفه شهوة، ولا يمد عينيه إلى متاع الدنيا وزهرتها إلى حدود المباح المعقول أن يغرق نفسه في الديون التي يعلم أنه سيؤديها ولو بعد حين، وأن يقع تحت وهم سهولة الحصول على السلعة عاجلًا.

٣ - أن هذا النوع من البيع يدفع التاجر إلى رفع سعر السلع حتى يواجه احتمال إعسار المشترى وبخاصة في أوقات الانكماش الاقتصادى (١).

ويجاب عن هذا، بأن التاجر الذي يرتضي لنفسه هذا النوع من التعامل لابد أن يكون على علم بطبيعته ومقتضاه، ويدرك أن سيقتضي إثمان السلع التي يبيع مؤجلة، ولأجل هذه الاعتبارات رخَّص له الشرع بأن يزيد من ثمن السلعة عن الثمن المعجل تعويضًا له عن حرمانه من استثمار ثمنها بسبب التأجيل، ولكن على أن تكون الزيادة في الحدود المقبولة شرعًا وإلا انقلب إلى الربح الفاحش الذي يحرمه الشرع.

علاوة على أن إغلاء السعر لا يختص بالبيع بالتقسيط، فقد يربح التاجر ربحًا فاحشًا وإن كان يبيع بثمن حال، متى غابت من ضميره رقابة الله سبحانه وتعالى، وفقدت من قلبه الرحمة بعباده.

٤ - أن البيع بالتقسيط يتضمن خطرًا بالنسبة للبائع، لأن المبيع تنقل ملكيته إلى المشترى ويصبح البائع دائنًا بالثمن في حين يكون للمشترى التصرف في المبيع.

ولذلك أجاز القانون المدني للبائع أن يتطلب فسخ البيع واسترداد المبيع في حالة امتناع المشترى عن الوفاء بباقي الأقساط (٢) ويقال جوابًا عن هذه السلبية: إن الضمانات التي منحها الشرع للبائع في حالة حدوث مثل هذا الخطر المتوقع تكفل التغلب على المشكلة وعلاجها.

٥ - أنه في حالة إفلاس المشترى لا يحق للبائع وفق القانون التجارى طلب الفسخ والاسترداد لسلعته ويقتصر أمره على أن يكون دائنًا عاديًا يدخل بالباقي من الثمن في التفليسة، ويخضع لقسمة الغرماء تحقيقًا للمساواة بينهم (٣).

ويجاب عن ذلك: بأن ما للبائع بالتقسيط من مال في ذمة المشترى لا يختلف


(١) "هامش الوسيط" (٤٣/ ١٧٣).
(٢) "بيع التقسيط والبيوع الائتمانية" (٢٤).
(٣) "العقود التجارية" (٥٧)، العقود المسماة (٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>