للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصرت بالرعب، وأعطيت مفاتيح الأرض، وسميت أحمد، وجعل لي التراب طهورًا، وجعلت أمتي خير الأمم» (١).

قلت: والذي يترجح -عندي- هو القول الأول بأنه يجوز التيمم بكل ما يطلق عليه اسم الأرض، أو حمل شيئًا من الأرض كالغبار ونحوه.

وأما القول الثاني ففيه نظر من وجهين:

الأول: أنه لا يثبت شيء مما استدلوا به كما رأيت.

الثاني: أنهم حملوا معنى التربة في الحديث على التراب، وفيه نظر، ففي حديث أبي هريرة -عند مسلم- قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: «خلق الله -عز وجل- التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين ....» الحديث قال في «لسان العرب»: (خلق الله التربة يوم السبت): يعني الأرض. اهـ.

قلت: وهذا المعنى واضح من الحديث ولله الحمد.

فاقد الطهورين:

أصح قولي العلماء فيمن فقد الطهورين (الماء والصعيد) أنه يصلي على حاله في الوقت ولا إعادة عليه.

وهو مذهب الشافعي وأحمد وأصحابهما وابن حزم واختاره ابن تيمية (٢) واحتجوا بقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (٣).

وقوله سبحانه: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} (٤).

وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم» (٥).

قالوا: فهذا قد فعل ما في استطاعته من الصلاة، وسقط عنه ما لم يطقه من التطهر، فهو بذلك مؤدٍّ ما أمر به، ومن أدى ما أمر به فلا قضاء عليه.

قلت: ولعله أن يتأيد هذا المذهب بحديث عائشة قالت: «بعث رسول الله


(١) منكر أخرجه أحمد (١/ ٩٨)، والبيهقي (١/ ٢١٣).
(٢) المغنى (١/ ١٥٧)، والمجموع (٢/ ٣٢١)، والمحلى (٢/ ١٣٨)، والفتاوى (٢١/ ٤٦٧).
(٣) سورة التغابن، الآية: ١٦.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢٨٦.
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (٧٢٨٨)، ومسلم (٣١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>