للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسيد بن الحضير -وأنا سامعة- في طلب قلادة أضلتها عائشة، فحضرت الصلاة فصلوا بغير وضوء، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له، فأنزلت آية التيمم» (١).

والشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرهم -عند فقد الماء- على الصلاة بغير وضوء ولم يأمرهم بالإعادة، فإذا فقدوا الصعيد كذلك فالحكم هو هو. والله أعلم.

هذا، وقد ذهب أبو حنيفة وأصحاب الرأي ومالك والأوزاعي إلى أنه لا يصلى حتى يقدر على الوضوء أو التيمم وإن خرج الوقت (٢).

مسائل تتعلق بالنية في التيمم:

تجزئ نية رفع الحدث عن استباحة الصلاة: أصح أقوال العلماء أن التيمم يقوم مقام الماء مطلقًا، يستباح به ما يستباح بالماء، ويبقى بعد الوقت كما تبقى طهارة الماء بعده، وإذا تيمم لنافلة صلى به الفريضة، والعكس، وهذا قول أكثر أهل العلم خلافًا لمالك، رحمه الله (٣).

قال شيخ الإسلام (٤): وهذا القول هو الصحيح، وعليه يدل الكتاب والسنة والاعتبار، فإن الله جعل التيمم مطهرًا كما جعل الماء مطهرًا، فقال تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ} (٥) ..... فمن قال: إن التراب لا يطهر من الحدث، فقد خالف الكتاب والسنة، وإذا كان مطهرًا من الحدث امتنع أن يكون الحدث باقيًا مع أن الله طهر المسلمين بالتيمم من الحدث، فالتيمم رافع للحدث، مطهر لصاحبه، لكنه رفع مؤقت إلى أن يقدر على استعمال الماء، فإنه بدل عن الماء، فهو مطهر ما دام الماء متعذرًا ... اهـ.

قلت: فالتيمم يشرع لأجل الصلاة والطواف وقراءة القرآن ومس المصحف وغير ذلك مما يشرع له الوضوء والغسل ما دام الماء متعذرًا.

ومن نوى بالتيمم رفع الحدث، أبيح له كل ما يستباح بالوضوء والغسل، والله أعلم.


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٥٨٨٢)، ومسلم (٧٩٥).
(٢) الأوسط (٢/ ٤٥)، والاستذكار (٣/ ١٥٠)، والمحلى (٢/ ١٣٩).
(٣) المجموع (٢/ ٢٥٥)، والمغنى (١/ ١٥٨)، ومجموع الفتاوى (١٢/ ٤٣٦)، والمبسوط (١/ ١١٧).
(٤) مجموع الفتاوى (٢١/ ٤٣٦).
(٥) سورة المائدة، الآية: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>