للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل عليه حينئذ كفارة؛ قال الجمهور -خلافًا لأحمد- ليس عليه كفارة، قلت: وهو الصواب، وأما حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض أنه قال: «يتصدق بدينار أو نصف دينار» (١) فالراجح ضعفه، والأصل في أموال المسلمين الحرمة فلا يحل مال المسلم إلا بنص.

٢ - الذي يمنع من الاستمتاع بالحائض هو الفرج فقط (٢)، فللزوج أن يتلذذ من امرأته الحائض بكل شيء ما عدا الإيلاج في الفرج، والدليل على هذا حديث أنس أنه لما نزل قوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} (٣).

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» (٤).

وعن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: «كان إذا أراد من الحائض شيئًا ألقى على فرجها ثوبًا» (٥).

قلت: وأقوى ما يتأيد به هذا القول حديث مسروق أنه قال لعائشة: إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحيي! فقالت: إنما أنا أمُّك وأنت ابني، فقال: ما للرجل ما امرأته وهي حائض؟ قالت: «له كل شيء إلا فرجها» (٦).

ولا شك أن عائشة من أعلم الناس بحكم هذه المسألة لأنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم.

تنبيه: هناك قول آخر للعلماء: أن ما يجوز للرجل الاستمتاع به من امرأته الحائض هو كل شيء ما عدا ما بين السرة إلى الركبة ولهذا القول أدلته (٧) لكن القول الأول أرجح والله أعلم.

٣ - إذا طهرت المرأة من الحيض فلا يحل لزوجها أن يجامعها إلا إذا اغتسلت.

فقد قال تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَاتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} (٨).


(١) ضعيف: أخرجه أبو داود (٢٦٤)، والنسائي (١/ ١٥٣)، وابن ماجه (٦٤٠).
(٢) وهو مذهب الثوري وأحمد وإسحاق، ومحمد بن الحسن والطحاوي من الحنفية وأصبغ في المالكية وأحد القولين للشافعية واختاره ابن المنذر والنووي (فتح الباري ١/ ٤٠٤) وهو مذهب ابن حزم.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٢٢.
(٤) تقدم قبله.
(٥) صحيح: أخرجه أبو داود (٢٧٢) بسند صحيح.
(٦) إسناده صحيح: أخرجه الطبري في «التفسير» (٤/ ٣٧٨) بسند صحيح وله عدة طرق.
(٧) وهذا مذهب أكثر العلماء، انظر «جامع أحكام النساء» (١/ ١٤٠) وما بعدها إن شئت.
(٨) سورة البقرة، الآية: ٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>