للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧ - الأذان أفضل من الإمامة: للأحاديث المتقدمة في فضل الأذان، ولأن «الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن» والأمانة أعلى من الضمان، والمغفرة أعلى من الإرشاد، وإنما لم يتولَّ النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه الراشدون التأذين، لأن الإمامة كانت متعيِّنة عليهم، فإنها وظيفة الإمام الأعظم، ولم يمكن الجمع بينها وبين الأذان، لضيق وقتهم عنه، وانشغالهم بما هو أهم كتدبير شئون المسلمين، فصارت الإمامة في حقهم أفضل من الأذان لخصوص أحوالهم، وإن كان لأكثر الناس الأذان أفضل.

وهذا مذهب الشافعي وأصح الروايتين عن أحمد واختاره أكثر أصحابه والمالكية، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (١).

بدء مشروعية الأذان: شُرع الأذان بالمدينة في السنة الأولى من الهجرة، على الأصح، للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك، ومن ذلك حديث ابن عمر:

كان يقول: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة ليس ينادى لها، فتكلموا يومًا في ذلك فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسًا مثل ناقوس النصارى وقال بعضهم بل بوقًا مثل قرن اليهود، فقال عمر: أو لا تبعثون رجلاً ينادي بالصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا بلال قم فناد بالصلاة» (٢).

حكم الأذان:

اتفقت الأمة الإسلامية على مشروعية الأذان، والعمل به جارٍ منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا بلا خلاف.

ثم اختلف أهل العلم في حكمه، هل هو واجب؟ أو سنة مؤكدة؟ والصحيح الذي لا ينبغي التردد فيه في مثل هذه العبادات العظيمة أن الأذان فرض كفاية، فليس لأهل مدينة أو قرية أن يدعوا الأذان والإقامة، ويستدل على ذلك بأمور:

١ - أن الأذان عبادة من أعظم شعائر الإسلام وأشهر معالم الدين، وقد وقعت المواظبة عليها منذ شرعها الله سبحانه إلى أن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليل ونهار وسفر وحر، ولم يسمع أنه وقع الإخلال بها أو الترخيص في تركها.


(١) «المغنى» (١/ ٤٠٢)، و «المجموع» (٣/ ٧٤)، و «مواهب الجليل» (١/ ٤٢٢)، و «الاختيارات» (ص: ٣٦).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٦٠٤)، ومسلم (٣٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>