للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما قياسهم فهو في مقابل النصوص السابقة في إثبات الأذان قبل الفجر، وهي دالة على دوام ذلك من بلال، وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينهه فثبت جوازه بل استحبابه. وأما الأحاديث التي استدلوا بها فمعلولة لا تقوم بها حجة فضلاً عن أن تردَّ بها السنن الثابتة الصحيحة، والله أعلم.

[٢] نية الأذان: يشترط لصحة الأذان النية كسائر العبادات، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» (١) فلو أخذ شخص في ذكر الله بالتكبير ثم بدا له عقب ما كبَّر أن يؤذن، فإنه يبتدئ الأذان من أوله ولا يبني على ما قال، وهذا مذهب المالكية والحنابلة (٢).

[٣] أداؤه باللغة العربية (٣): فيشترط كون الأذان باللفظ العربي، ولا يصح الإتيان به بأي لغة أخرى ولو علم أنه أذان، وهذا مذهب الحنفية والحنابلة، ونحوه مذهب الشافعية إلا أنهم قالوا: إن لم يوجد منهم من يحسن العربية أجزأهم بغيرها.

[٤] خلو الأذان من اللحن الذي يغيِّر المعنى (٤): كمدِّ همزة (أكبر) أو بائه وغير ذلك مما يغير المعنى، وكذلك التمديد الزائد عن المطلوب في الأذان، فإن أحال المعنى أبطل الأذان وإلا كُره عند الجمهور خلافًا للحنفية.

[٥] ترتيب كلمات الأذان (٥): فيشترط أن يأتي المؤذن بكلمات الأذان على نفش النظم والترتيب الوارد في السنة -والذي يأتي قريبًا- دون تقديم أو تأخير لكلمة أو جملة على الأخرى، فإن فعل المؤذن ذلك استأنف الأذان من أوله -عند الجمهور خلافًا للحنفية- لأن ترك الترتيب يخل بالإعلام المقصود، ولأنه ذكر يعتد به، فلا يجوز الإخلال بنظمه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ» (٦).


(١) صحيح: تقدم مرارًا.
(٢) «مواهب الجليل» (١/ ٤٢٤)، و «منتهى الإرادات»؛١/ ١٢٩).
(٣) «ابن عابدين (١/ ٢٥٦)، و «كشاف القناع» (١/ ٢١٥)، و «المجموع» (٣/ ١٢٩).
(٤) «ابن عابدين» (١/ ٢٥٩)، و «منتهى الإرادات» (١/ ١٣٠)، و «المواهب» (١/ ٤٣٨)، و «المجموع» (٣/ ١٠٨).
(٥) «البدائع» (١/ ١٤٩)، و «مغنى المحتاج» (١/ ١٣٧)، و «الإرادات» (١/ ١٢٨)، و «المواهب» (١/ ٤٢٥).
(٦) صحيح: علقه البخاري في «الاعتصام»، ووصله مسلم (١٧١٨) وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>