للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذه الكيفية أخذ مالك وصَاحَبا أبي حنيفة (١).

وقد رجَّح بعض العلماء تربيع التكبير (الكيفية الثالثة) في حديث أبي محذورة بأنها زيادة مقبولة لعدم منافاتها وصحة مخرجها، ولموافقتها لرواية «علمَّه الأذان تسع عشرة كلمة ...».

ثم رجَّحوها على الكيفية الأولى (التي ليس فيها الترجيع) بأن حديث أبي محذورة سنة ثمان من الهجرة بعد حنين، وحديث ابن زيد في أول الأمر، وبأن عمل أهل مكة والمدينة على الترجيع (٢).

بينما ذهب آخرون إلى أن هذه الكيفيات كلها مباحة يخيَّر بين فعل أيٍّ منها، وهو قول أحمد (وإن اختار الأولى) وإسحاق، وبه قال شيخ الإسلام ابن تيمية (٣)، ولعلَّه أولى من الترجيح لأن القاعدة أن «العبادات الواردة على وجوه متنوعة فالأولى فعلها على هذه الوجوه» والله أعلم.

التثويب في أذان الفجر:

التثويب هو أن يقول المؤذن (الصلاة خير من النوم) مرتين بعد الحيعلتين (٤) في أذان الفجر، وهو سنة عند الجمهور (٥) لحديث أبي محذورة المتقدم وفيه: «... فإن كان صلاة الصبح قلت: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله» وفي لفظ «في الأولى من الصبح» (٦).

وقد ورد التثويب في الفجر من حديث بلال، وسعد القرظ، وأبي هريرة، وابن عمر، ونعيم النحام، وعائشة، وأبي محذورة، وفي أسانيدها مقال، وأفضلها الثلاثة الأخيرة، وهي بمجموعها تثبت مشروعية التثويب في أذان الفجر.


(١) «المدونة» (١/ ٥٧)، و «البدائع» (١/ ١٤٧).
(٢) «المحلى» (٣/ ٢٠٣ - ٢٠٦)، و «الأوسط» (٣/ ١٦)، و «نيل الأوطار» (٢/ ٤٥)، و «زاد المعاد» (٢/ ٣٨٩).
(٣) «مسائل أحمد» لأبي داود (٢٧)، و «المغنى» (١/ ٤٠٤)، و «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٣٣٦ - ٣٣٧)، و «الممتع» (٢/ ٥١).
(٤) أي: حي على الصلاة، حي على الفلاح.
(٥) «مواهب الجليل» (١/ ٤٣١)، و «المجموع» (٣/ ٩٢)، و «المغنى» (١/ ٤٠٧)، و «سبل السلام» (١/ ٢٥٠).
(٦) حسن بطرقه: أخرجه أبو داود (٥٠١)، والنسائي (٢/ ٨ - ٧٩، وأحمد (٣/ ٤٠٨) وصححه الألباني لذاته في تخريج «المشكاة» (٦٤٥)، وإنما يحسَّن بمجموع الطرق. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>