للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التثويب في الأذان الأول دون الثاني:

الأحاديث المشار إليها آنفًا منها ما ذكر التثويب دون تحديد بكونه في الأذان الأول أو الثاني، ومنها ما نص على أنه في الأول، وليس فيها حديث واحد نص على أنه في الثاني، فدلَّ على أن مشروعية التثويب إنما هي الأذان الأول لأنه لإيقاظ النائم -كما تقدم- وأما الأذان الثاني فإنه إعلام بدخول الوقت ودعاء إلى الصلاة.

ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له مؤذنان للفجر أحدهما بلال -وورد عنه التثويب- والثاني ابن أم مكتوم، وكان أذان بلال هو الأول ولم يَرد أن ابن أم مكتوم كان يثوب في أذانه، والله تعالى أعلم (١).

فائدة: أجاز بعض الحنفية والشافعية التثويب في العشاء، قالوا: لأنها وقت غفلة ونوم كالفجر (!!) وأجاز بعض الشافعية التثويب في جميع الأوقات!! وهذه بدعة مخالفة للسنة، وقد أنكرها عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما دخل يصلي في مسجد فسمع رجلاً يثوِّب في أذان الظهر فخرج، فقيل له: أين؟ فقال: «أخرجتني البدعة» (٢).

المستحبات في الأذان:

١ - الأذان على طهارة: لعموم الأدلة على استحباب ذكر الله على طهارة -وقد تقدمت في الوضوء- وقد رُوي حديث: «لا يؤذن إلا متوضئ» ولا يصح.

فإذا أذَّن وهو محدث الحدث الأصغر أجزأ عند جميع الفقهاء، وكذلك إن كان جنبًا على الصحيح لعدم الدليل على المنع ولأن الجنب ليس بنجس، وقد منعه أحمد وإسحاق (٣).

٢ - الأذان قائمًا:

لم يختلف أهل العلم في أن من السنة أن يؤذن وهو قائم إلا من علة، فإن كانت به علة فله أن يؤذن جالسًا، وكره مالك والأوزاعي وأصحاب الرأي الأذان قاعدًا مطلقًا (٤).


(١) انظر رسالة «تحفة الحبيب .. بحكم الأذانين الفجر والتثويب» لشيخنا مجدي بن عرفان رفع الله قدره.
(٢) حسَّنه الألباني: أخرجه أبو داود (٥٣٨)، والبيهقي (١/ ٤٢٤)، وانظر «الإرواء» (٢٣٦).
(٣) «الأوسط» (٣/ ٢٨).
(٤) «الأوسط» (٣/ ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>