للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع ذلك فإن لله طائفة من عباده لا يضرهم من خذلهم، وهم حجة الله في أرضه وإن قلُّوا، نسأل الله أن يجعلنا منهم.

وبعد هذا العرض لنشأة المذاهب الفقهية واختلافها، أُنَبِّه تنبيهات لعله أن ينفع الله بها من شاء من عباده.

[الأول: وجوب العمل بالكتاب والسنة] (١)

اعلم أن نصوص الكتاب والسنة التي لا تحصى قد تضافرت بإلزام جميع المكلفين بالعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

قال الله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} (٢) والمراد بما أنزل إليكم هو القرآن والسنة المبينة له لا آراء الرجال.

وقال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً} (٣).

فدلت هذه الآية الكريمة أن من دُعي إلى العمل بالقرآن والسنة وصد عن ذلك، أنه من جملة المنافقين، لأن العبرة بعموم الألفاظ فإن بخصوص الأسباب.

وقال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} (٤) الآية، والرد إلى الله والرسول هو الرد إلى كتابه والرد إلى الرسول بعد وفاته صلى الله عليه وسلم هو الرد إلى سنته

وتعليقه الإيمان في قوله: {إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} (٥) على رد التنازع إلى كتاب الله وسنة رسوله، يفهم منه أن من يرد التنازع إلى غيرهما لم يكن يؤمن بالله.

وقال تعالى: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَاتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ} (٦).


(١) «أضواء البيان» (٧/ ٤٧٩ - ٤٨٥).
(٢) سورة الأعراف، الآية: ٣.
(٣) سورة النساء، الآية: ٦١.
(٤) سورة النساء، الآية: ٥٩.
(٥) سورة النساء، الآية: ٥٩.
(٦) سورة الزمر، الآية: ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>