للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حزم: «فنصَّ عليه السلام نصًّا جليًّا على أن لكل أحد ما نوى، فصحَّ يقينًا أن للإمام نيتَّه، ولا تعلق لإحداهما بالأخرى ...» اهـ.

وأما حديث: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه ...» (١) فالمراد به: لا تختلفوا عليه في الأفعال الظاهرة، بدليل قوله في الحديث نفسه: «.. فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعين» فلا تعلَّق للحديث باختلاف النيات، ويدل على هذا اتفاق عامة أهل العلم على جواز ائتمام المتنفل بالمفترض مع اختلاف نيتهما -كما سيأتي- وكذلك سائر الأدلة التي تأتي في صور اختلاف النيَّتين، وهي:

[١] صلاة المتنفل خلف المفترض: وهي جائزة عند عامة أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم لما يأتي:

(أ) حديث أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها، أو يميتون الصلاة عن وقتها؟» قلت: فما تأمرني؟ قال: «صلِّ الصلاة لوقتها فإن أَدركتها معهم فصلِّ، فإنها لك نافلة» (٢).

(ب) حديث يزيد بن الأسود قال: شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، قال: فلما قضى صلاته وانحرف، إذا هو برجلين في أخرى القوم لم يصليا معه، فقال: «عليَّ بهما»، فجيء بهما تَرْعُدُ فرائصهما، فقال: «ما منعكما أن تصليا معنا؟» فقالوا: يا رسول الله، إنا كنا قد صلينا في رحالنا، قال: «فلا تفعلوا، إذا صلَّيتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصلِّيا معهم، فإنها لكما نافلة» (٣).

[٢] صلاة المفترض خلف المتنفِّل: وهو جائز لما يلي:

(أ) حديث جابر بن عبد الله: «أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة» (٤) زاد بعضهم: «هي له تطوع ولهم فريضة» (٥).


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٦٨٩)، ومسلم (٤١١).
(٢) صحيح: تقدم في «أوقات النهي عن الصلاة».
(٣) صحيح: تقدم في «أوقات النهي».
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٧١١)، ومسلم (٤٦٥) واللفظ له.
(٥) إسناده ضعيف: أخرجه الشافعي في «الأم» (١/ ١٧٣)، والطحاوي (١/ ٤٠٩)، والدارقطني (١/ ٢٧٤) وفيه عنعنة ابن جريج وهو مدلس، وصححه الحافظ في الفتح.

<<  <  ج: ص:  >  >>