للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ: واستُدلَّ بهذا الحديث على صحة اقتداء المفترض بالمتنفِّل، بناء على أن معاذًا كان ينوي بالأولى الفرض وبالثانية النفل. اهـ. ثم استدل بالزيادة المشار إليها.

قلت: ويدلُّ على ما ذكره الحافظ أنني وجدت في رواية الحديث الأخرى -في قصة الرجل الذي شكا معاذًا -قوله: «... وإن معاذًا صلى معك العشاء ثم أتى فافتتح بسورة البقرة ... الحديث» (١) ففيه أن الصلاة التي صلاها معاذ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض العشاء.

(ب) حديث أبي بكرة قال: «صلى النبي صلى الله عليه وسلم في خوف الظهر، فصفَّ بعضهم خلفه وبعضهم بإزاء العدو، فصلَّى بهم ركعتين ثم سلَّم، فانطلق الذين صلَّوا معه فوقفوا موقف أصحابهم، ثم جاء أولئك فصفوا خلفه، فصلى بهم ركعتين ثم سلَّم، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعًا ولأصحابه ركعتين ركعتين» (٢).

قال الشافعي في «الأم» (١/ ١٧٣): والآخرة من هاتين للنبي صلى الله عليه وسلم نافلة، وللآخرين فريضة اهـ.

وعلى هذا: فيجوز لمن أتى الجماعة وهم يصلون التراويح -ولم يكن صلى العشاء- أن يدخل معه بنيَّة العشاء، فإذا سلَّم الإمام من ركعتين قام فأتم صلاته منفردًا، أو قام لباقي صلاته فإذا قام الإمام إلى الركعتين بعدهما ائتم به ثم يسلم معه، والأُولى أَوْلى والله أعلم.

[٣] صلاة المفترض خلف من يصلي فرضًا آخر: وهذا له ثلاث حالات:

(أ) أن يكون عدد ركعات الفرضين متفقًا: كأن يصلي ظهرًا مقضية خلف من يصلي العصر أو العشاء، وهذا جائز لعموم ما تقدم.

(ب) أن يكون عدد ركعات فرض المأموم أكثر من الإمام: كمن يصلي لظهر خلف صبح أو مغرب فجائز لما سبق من عدم وجوب اتفاق النيتين، وقياسًا على صلاة المسبوق والمقيم خلف من يقصر الصلاة.


(١) صحيح: تقدم قريبًا.
(٢) رجاله ثقات: أخرجه أبو داود (١٢٤٨)، وفي سماع الحسن عن أبي بكرة خلاف، مع أن البخاري أخرج له عنه عدة أحاديث وهو لا يكتفي بمجرد إمكان اللقاء!!، وانظر «جامع التحصيل» (١/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>