للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(جـ) أن يكون عدد ركعات فرض المأموم أقل من الإمام: وهذا غير جائز، كمن يصلي الصبح خلف الظهر، أو المغرب خلف العشاء، لأنه هنا لابد له من مخالفة إمامه في الأفعال الظاهرة: إما بمفارقة إمامه لأجل أن يسلم أو لأجل انتظاره للتسليم معه، أو أنه يقوم مع إمامه ليحقق المتابعة، فيزيد في ركعات صلاته عمدًا وهذا يبطلها.

لكن هل يقال: إنه ينتظر حتى يبقى للإمام من صلاته ما يساوي عدد ركعات فرضه فيدخل معه ويسلم معه؟ فهذا موضع نظر واجتهاد، والله تعالى أعلم.

[٤] صلاة المتم خلف من يَقْصر: وهذا جائز، ويجب على المتم أن يأتي ببقية الصلاة بعد سلام إمامه، بلا خلاف بين أهل العلم.

وقد روى عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: «غزوتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدت معه الفتح، فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين، ويقول: يا أهل البلد: صلوا أربعًا، فإنا قوم سَفْر» (١) وهو ضعيف، إلا أن العمل عليه، لأن الصلاة تجب على المتم أربعًا، فلم يجز له ترك شيء من ركعاتها كما لو لم يأتم بمسافر.

فائدة: لا تشترط نية القصر لمن أراد قصر الصلاة (٢): وهو قول عامة السلف، لأنه لم ينقل قطُّ أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر أصحابه، لا بنية قصر ولا نية جمع، ولا كان خلفاؤه يأمرون بذلك من يصلي خلفهم، مع أن المأمورين -أو أكثرهم- لا يعرفون ما يفعله الإمام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج في حجته، صلى بهم الظهر بالمدينة أربعًا، وصلى بهم العصر بذي الحليفة ركعتين (٣)، وخلفه أمم لا يُحصى عددهم إلا الله، كلهم خرجوا يحجون معه، وكثير منهم لا يعرف صلاة السفر، إما لحدوث عهده بالإسلام، وإما لكونه لم يسافر بعد، ولا سيما النساء.

ومما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يقصر بأصحابه ولا يعلمهم قبل الدخول في الصلاة أنه يقصر: حديث ذي اليدين أن النبي صلى الله عليه وسلم سلَّم من ركعتين في صلاة الظهر أو العصر ناسيًا، فقال له ذو اليدين: «أقصرت الصلاة أم نسيت؟» فقال: «لم أنس ولم تقصر» قال: بلى قد نسيت ...» (٤).


(١) ضعيف: أخرجه أبو داود (١٢٢٩).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٢٤/ ٢١، ١٤/ ١٠٥).
(٣) صحيح: يأتي في «الحج».
(٤) صحيح: يأتي في «سجود السهو».

<<  <  ج: ص:  >  >>