للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الله سبحانه: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ ....} (١) {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً} (٢) فاختص سليمان بالفهم، وأثنى عليهما بالحكم والعلم.

وفي الصحيحين عن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر» (٣) فتبَّين أن المجتهد مع خطئه له أجر، وذلك لأجل اجتهاده، وخطؤه مغفور له، لأن درك الصواب في جميع أعيان الأحكام إما متعذر أو متعسر، وقد قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (٤) وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (٥).

٥ - الأئمة متفقون على منع تقليدهم، التقليد الأعمى الذي يتعصب له من يدَّعون أنهم أتباعهم، ويتمسكون بمذاهبهم وأقوالهم كما لو كانت نزلت من السماء، والله عز وجل يقول: {اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} (٦) (٧).

وإليك بعض ما وقفنا عليه من أقوالهم رحمهم الله- في ذلك (٨):

١ - أبو حنيفة رحمه الله:

فأولهم الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله وقد روى عنه أصحابه أقوالاً شتى وعبارات متنوعة؛ كلها تؤدى إلى شيء واحد وهو: وجوب الأخذ بالحديث، وترك تقليد آراء الأئمة المخالفة له:

١ - «إذا صح الحديث فهو مذهبي».

٢ - «لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه».

وفى رواية: «حرام على مَن لم يعرف دليلي أن يفتى بكلامي».


(١) سورة الأنبياء، الآية: ٧٨.
(٢) سورة الأنبياء، الآية: ٧٩.
(٣) صحيح. أخرجه البخاري، ومسلم.
(٤) سورة الحج، الآية: ٧٨.
(٥) سورة البقرة، الآية: ١٨٥.
(٦) سورة الأعراف، الآية: ٣.
(٧) «رفع الملام» من «الفتاوى» (٢٠/ ٢٥٠ - ٢٥٢) بتصرف يسير.
(٨) من مقدمة «صفة صلاة النبي» للعلامة الألباني -رحمه الله- (ص ٤٦ - ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>