للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولئك، وكان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدٌ، فقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا يدعو عليهم» (١).

قال الحافظ في «الفتح» (٢/ ٥٦٩): «ومجموع ما جاء عن أنس من ذلك أن القنوت لحاجة [يعني: للنازلة] بعد الركوع لا خلاف عنه في ذلك، وأما لغير الحاجة، فالصحيح عنه أنه قبل الركوع، وقد اختلف عمل الصحابة في ذلك، والظاهر أنه من الاختلاف المباح» اهـ.

وعن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال: «كان عبد الله -يعني: ابن مسعود- لا يقنت في شيء من الصلوات، إلا في الوتر قبل الركعة» (٢).

٣ - ما يُسنُّ الدعاء به في القنوت:

يُسَنَّ الدعاء -في قنوت الوتر- بما علَّمه النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي: «اللهم اهدني فيمن هديت ..» إلخ وقد تقدم.

وتجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت لثبوتها عن الصحابة: فقد ثبت ذلك في حديث إمامة أُبيِّ بن كعب الناس في قيام رمضان، وكذا في إمامة أبي حليمة معاذ الأنصاري، أحد الذين أقامهم عمر يصلي التراويح (٣).

٤ - ليس من السنة التطويل في دعاء القنوت: فإن ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من تعليمه الحسن دعاء القنوت في الوتر يسير لا طول فيه.

٥ - هل يجوز التغنِّي بدعاء القنوت؟

لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه - فيما علمتُ- التغني بالدعاء، لا في القنوت ولا في غيره، فأخشى أن يكون ما استحسنه أكثر الأئمة في هذه الأيام محدثًا!!

وقد قال ابن الهمام: «... لا أرى تحرير النَّغم في الدعاء -كما يفعله القراء في هذا الزمان- يَصْدُر ممن فهم معنى الدعاء والسؤال، وما ذلك إلا نوع لعب، فإنه لو قُدِّر في الشاهد [أي: الواقع] سائلُ حاجة من مَلِكٍ، أدَّى سؤاله وطلبه


(١) صحيح: أخرجه البخاري (١٠٠٢)، ومسلم (٦٧٧).
(٢) إسناده صحيح: أخرجه الطبراني في «الكبير» (٩/ ٢٣٨)، وانظر «الإرواء» (٢/ ١٦٦).
(٣) «صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم» (ص/ ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>