للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وقد حُمل الأمر في الآيتين الأخريين على الندب أو على أن المراد به سجود الصلاة، أو أنه في الصلاة المكتوبة على الوجوب، وفي سجود التلاوة على الندب على قاعدة الشافعي في حمل المشترك على معنييه» (١).

٣ - عن عمر بن الخطاب أنه قرأ يوم الجمعة على المنبر سورة النحل حتى إذا جاء السجدة فنزل فسجد، فسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلة، قرأ بها حتى إذا جاء السجدة، قال: «يا أيها الناس، إنما نمرُّ بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه، ولم يسجد عمر رضي الله عنه» (٢). وقال هذا بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليه أحد منهم فكان إجماعًا منهم.

قلت: ولشيخ الإسلام مناقشات على أدلة الجمهور، فليراجعها من شاء، والأصح قول الجمهور، والله أعلم.

هيئة سجود التلاوة:

١ - اتفق الفقهاء على أن سجود التلاوة يحصل بسجدة واحدة.

٢ - يكون السجود على هيئة السجود في الصلاة تمامًا، من وضع اليدين والركبتين والقدمين والأنف والجبهة، ومجافاة المرفقين عن الجنبين والبطن عن الفخذين وتوجيه الأصابع للقبلة وغير ذلك مما تقدم.

٣ - ولا يشرع فيه -على الأصح- تحريم (تكبيرة إحرام) ولا تسليم، قال شيخ الإسلام في «الفتاوى» (٢٣/ ١٦٥): .. هذا هو السنة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه عامة السلف، وهو المنصوص عن الأئمة المشهورين .. اهـ.

قلت: وقد نقل ابن عبد البر في التمهيد (١٩/ ١٣٤) عدم التسليم عن مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة.

ثم قال (٢٣/ ١٦٦): والمروي فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم تكبيرة واحدة، فإنه لا ينتقل من عبادة إلا عبادة. اهـ.

قلت: يشير إلى حديث ابن عمر قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن، فإذا مرَّ بالسجد كبَّر، وسجد وسجدنا» (٣) وهو حديث ضعيف.


(١) «فتح الباري» (٢/ ٦٤٨) بنحوه.
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (١٠٧٧).
(٣) ضعيف: أخرجه أبو داود (١٤١٣)، والبيهقي (٢/ ٣٢٥)، وعبد الرزاق (٥٩١١)، وانظر «الإرواء» (٤٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>