للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابع: إن سجد الإمام قبل التسليم سجد معه، وإن سجد بعد التسليم قام فقضى صلاته ثم

يسجدها.

وهو مذهب مالك والأوزاعي والليث بن سعد (١).

قلت: ولعل هذا الأخير هو الأقرب لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به ... وإذا سجد فاسجدوا» وقد تقرر -فيما مضى- أن السجود قبل التسليم يكون جبرًا للنقص فوجب المتابعة فيه.

وأما ما يسجد فيه بعد السلام فإنه ترغيم للشيطان، فيقوم يتم ما عليه ثم يسجد لسهو إمامه لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأتموا» (٢) ويكون بهذا قد ائتم بالإمام من جهة أن الإمام سجد في آخر صلاته فكذلك هو.

[٢] إذا سها المأموم خلف إمامه (٣):

إذا سها المأموم خلف الإمام فإن الإمام يحمل عنه سهوه، وليس عليه سجود للسهو، عند أكثر أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم، وقد ورد في هذا حديث مرفوع عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس على من خلف الإمام سهو، فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه السهو، وإن سها خلف الإمام فليس عليه سهو والإمام كافيه» (٤) لكنه ضعيف لا يصح لكن عليه العمل عند الأكثرين.

وخالف في هذا ابن سيرين وداود وابن حزم فقالوا: يسجد كما لو كان منفردًا أو إمامًا لأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم كل من أوهم في صلاته بسجدتي السهو لم يخص إمامًا ولا منفردًا من مأموم.

قلت: مذهب الجمهور أرجح لا للحديث المرفوع، وإنما لما ذكره العلامة الألباني -رحمه الله- حيث قال (٥): «نحن نعلم يقينًا أن الصحابة الذين كانوا يقتدون به صلى الله عليه وسلم كانوا يسهون وراءه سهوًا يوجب السجود عليهم لو كانوا منفردين، هذا الأمر لا يمكن لأحد إنكاره، فإذا كان كذلك فلم ينقل أن أحدًا منهم سجد بعد سلامه صلى الله عليه وسلم، ولو كان مشروعًا لفعلوه، ولو فعلوه لنقلوه، فإذا لم ينقل، دلَّ


(١) «الأوسط» (٣/ ٣٢٣)، و «المدونة» (١/ ١٣٩).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٦٣٥)، ومسلم (٦٠٢).
(٣) «الأوسط» (٣/ ٣٢٠)، و «المحلى» (٤/ ١٦٧).
(٤) ضعيف: أخرجه الدارقطني (١/ ٣٧٧)، والبيهقي (٢/ ٣٥٢).
(٥) «إرواء الغليل» (٢/ ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>