للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالذي يظهر أن القول بالوجوب قوي ومتجه، ويستثنى من ذلك من صلى خلف المقيم، ولو ذهب أحدٌ إلى القول بأنه سنة مؤكدة لا ينبغي تركه وأن الإتمام مكروه، لم يبعُد كذلك، وهما منقولان عن شيخ الإسلام، والله أعلم.

حدُّ السفر (المسافة التي يقصر فيها):

اختلف أهل العلم في تحديد المسافة التي يجوز فيها قصر الصلاة على ثلاث أقوال:

الأول: مسافة القصر (٤٨) ميلاً بما يساوي (٨٥) كيلو متر: وبه قال ابن عمر وابن عباس والحسن البصري والزهري، وهو مذهب مالك والليث والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور (١) وحجتهم ما يلي:

١ - ما رُوى عن ابن عباس مرفوعًا: «يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة بُرُد (٢) من مكة إلى عسفان» (٣) وهو منكر لا يصح.

٢ - ما ثبت أن «ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما كانا يقصران ويفطران في أربعة برد» (٤) وهي ستة عشر فرسخًا.

٣ - أن مسافة أربعة برد تجمع مشقة السفر من الحل والشدة، فجاز القصر فيها كمسافة الثلاث، ولم يجز فيما دونها.

الثاني: مسافة القصر مسيرة ثلاثة أيام بلياليها بمشي الإبل: وبه قال ابن مسعود وسويد بن غفلة والشعبي والنخعي والثوري، وهو مذهب أبي حنيفة (٥) وحجتهم ما يلي:

١ - حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي مَحْرَم» (٦).


(١) «القوانين» (١٠٠)، و «الدسوقي» (١/ ٣٥٨)، و «المجموع» (٤/ ٣٢٢)، و «الحاوي» (٢/ ٣٦١)، و «المغنى» (٢/ ٩٠)، و «كشاف القناع» (١/ ٥٠٤).
(٢) البرد: جمع بريد وهو مسافة أربع فراسخ، والفرسخ: ثلاثة أميال، والميل حوالي (١. ٨) كيلو متر.
(٣) منكر: أخرجه الدارقطني (١٤٨)، وعنه البيهقي (٣/ ١٣٧) وانظر «الإرواء» (٥٦٥).
(٤) صحيح: علقه البخاري (٢/ ٦٥٩ - فتح)، ووصله البيهقي (٣/ ١٣٧)، وانظر «الإرواء» (٥٦٨).
(٥) «ابن عابدين» (٢/ ١٢٢)، و «الهداية» (١/ ٨٠)، و «نيل الأوطار» (٣/ ٢٤٦)، و «بداية المجتهد» (١/ ٢٤٣).
(٦) صحيح: أخرجه البخاري (١٠٨٦)، ومسلم (١٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>