للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - حديث علي بن أبي طالب -في المسح على الخفين-: «جعل النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام

ولياليهن للمسافر ويومًا وليلة للمقيم» (١).

قالوا: فتعلق حكم المسافر في الحديثين بمن سافر ثلاثة أيام فلا يتعلق القصر بأقل من ذلك!!

٣ - من المعقول: أن الثلاثة أقل الكثير وأكثر القليل، ولا يجوز القصر في قليل السفر!! فوجب أن يكون أقل الكثير -وهو الثلاث- حدًّا له!!

الثالث: ليس للقصر مسافة محددة، بل يقصر في كل ما يطلق عليه «السفر»: وهو مذهب الظاهرية واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم (٢) وحجتهم ما يلي:

١ - قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ} (٣). فظاهر الآية يدل على أن القصر يتعلق بكل ضرب في الأرض دون تحديد مسافة معينة.

٢ - أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدَّ القصر بحد زماني أو مكاني، بل علق الشارع الحكم بمسمى «السفر» المطلق، فلا يجوز أن يفرق بين نوع ونوع من غير دلالة شرعية، بل الواجب أن يطلق ما أطلقه الشارع ويقيد ما قيَّده، والتقدير -لمسافة القصر- بابه التوقيف فلا يصار إليه برأي مجرد.

٣ - أنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قصر فيما دون المسافات المحدودة آنفًا:

(أ) فعن أنس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلَّى ركعتين» (٤) فهو يدل صراحة على أن القصر يتعلق بمطلق السفر ولو كان ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ، قال الحافظ: هو أصح حديث ورد في بيان ذلك وأصرحه. اهـ.

وقد أجاب الجمهور عنه: بأنه محمول على المسافة التي يبتدئ القصر منها لا غاية السفر!! قال الحافظ: «ولا يخفى بُعْد هذا الحمل، مع أن البيهقي ذكر في روايته من هذا الوجه أن يحيى بن زيد -راويه عن أنس- قال: سألت أنسًا عن


(١) صحيح: تقدم في «المسح على الخفين».
(٢) «المحلى» (٥/ ١٠)، و «مجموع الفتاوى» (٢٤/ ١٢ - ٣٥)، و «زاد المعاد» و «فتح الباري» (٢/ ٦٦٠)، و «المغنى» (٢/ ٤٤).
(٣) سورة النساء، الآية: ١٠١.
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (٦٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>