للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تقع هذه في هذا، وهذه في هذا، وكل هذا جائز، لأن أصل هذه المسألة أن الوقت عند الحاجة مشترك، والتقديم والتوسط بسبب المصلحة.

الجمع بأذان وإقامتين:

السنة في الجمع بين الصلاتين الاقتصار على أذان واحد، والإقامة لكل واحد من الصلاتين، ففي حديث جابر: «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى الصلاتين بعرفة بأذان واحد وإقامتين، وأتى المزدلفة فصلَّى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما، ثم اضطجع حتى طلع الفجر ...» (١).

وعن ابن مسعود: «... فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريبًا من ذلك، فأمر رجلاً فأذَّن وأقام ثم صلَّى المغرب ..» وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فتغشَّى ثم أمر أُرى فأذن وأقام ثم صلى العشاء ركعتين ...» الحديث (٢).

وإلى هذا ذهب الشافعي في القديم، وهو رواية عن أحمد، وابن حزم. بينما ذهب الشافعي في الجديد والثوري وأحمد في رواية إلى أنه يجمع بين الصلاتين بإقامتين فقط، وتمسكوا بحديث أسامة رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبع الوضوء، ثم أقيمت الصلاة

فصلَّى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصلِّ بينهما شيئًا» (٣).

والحق ما قاله الأوَّلون لأن حديث جابر مشتمل على زيادة الأذان وهي زيادة غير نافية فيتعيَّن قبولها (٤) والله أعلم.

الترتيب بين الصلاتين المجموعتين:

يشترط الترتيب بين الصلاتين المجموعتين، لأن الشرع جاء بترتيب الأوقات في الصلوات فوجب أن تكون كل صلاة في المحل الذي رتبها الشارع فيه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي».

لكن ... لو نسي إنسان أو جهل، أو حضر قومًا يصلون العشاء -وقد نوى جمع التأخير- فصلى معهم العشاء ثم صلى المغرب، فهل تجزئه؟ قال الفقهاء: لا، ولا تصح منه العشاء، فيصلي العشاء ثانية بعد المغرب (٥).


(١) صحيح: سيأتي بتمامه وتخريجه في «الحج» إن شاء الله.
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (١٦٧٥)، ومسلم (١٢٨٩) بنحوه.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (١٦٧٢)، ومسلم (١٢٨٠)، وأحمد (٥/ ٢٦٣).
(٤) «نيل الأوطار» (٣/ ٢٦٣) ط. الحديث.
(٥) «الشرح الممتع» (٤/ ٥٧٢) بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>