للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجمع المريض: الذي يجد المشقة في الإتيان بكل صلاة في وقتها لحديث ابن عباس المتقدم، وقياسًا على المستحاضة، فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر حمنة بنت جحش وكانت تستحاض حيضة كثيرة شديدة بقوله: «فإن قويت على أن تؤخري الظهر وتُعجِّلي العصر، ثم تغتسلين حين تطهرين، وتُصلِّين الظهر والعصر جميعًا، ثم تؤخرين المغرب، وتُعجلِّين العشاء، ثم تغتسلين، وتجمعين بين الصلاتين فافعلي ...» (١).

وقد أجاز الجمع للمريض مالك وأحمد واختاره شيخ الإسلام، ومنعه الشافعي (٢) والقول بالجواز ظاهر، والله أعلم.

هل تشترط الموالاة بين الصلاتين المجموعتين؟ (٣).

١ - إذا صلاَّهما في وقت الثانية (جمع التأخير): فإنه لا يشترط أن يوالي بين الصلاتين المجموعتين، بل له أن يفصل بينهما، فيصلي الظهر مثلًا في أول وقت العصر ثم يؤخر العصر قليلاً فيصليه قبل خروج وقته، وهذا مذهب الجمهور خلافًا لبعض الحنابلة.

٢ - إذا صلاَّهما في وقت الأولى (جمع تقديم): فذهب الجمهور إلى أنه يُشترط أن يصليهما من غير فصل، وخالفهم شيخ الإسلام ابن تيمية: فقال: لا يشترط كذلك، وهو رواية عن أحمد وقول عند الشافعية، وهو الأقرب.

قال شيخ الإسلام: لا تشترط الموالاة بين المجموعتين بحال، لا في وقت الأولى، ولا في وقت الثانية، فإنه ليس لذلك حد في الشرع، ولأن مراعاة ذلك يسقط مقصود الرخصة ... والسنة جاءت بأوسع من هذا، فالنبي صلى الله عليه وسلم جمع في أول الوقت كما جمع بعرفة، وتارة جمع في وقت الثانية كما جمع بمزدلفة، وفي بعض أسفاره، وتارة جمع بينهما في وسط الوقتين، وقد يقعان معًا في آخر وقت الأولى، وقد يقعان معًا في أول وقت الثانية.


(١) حسَّنه الألباني: أخرجه أبو داود (٢٨٧)، والترمذي (١٢٨)، وابن ماجه (٦٢٧)، وانظر «الإرواء» (١٨٨) والظاهر أن في تحسينه نظرًا.
(٢) «القوانين» (٧٥)، و «المغنى» (٢/ ١١٢)، و «المجموع» (٤/ ٣٧٠).
(٣) «الخرشي» (٢/ ٧٠)، و «المجموع» (٣/ ٣٧٥)، و «الإنصاف» (٢/ ٣٤٢)، و «المغنى» (٢/ ١٢٣)، و «مجموع الفتاوى» (٢٤/ ٥٤ - ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>