للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من اتباعه عذر -قالوا: وما العذر يا رسول الله؟ قال: خوف أو مرض- لم تقبل منه الصلاة التي صلَّى» (١). وقد تقدم أنه لا يصح مرفوعًا.

٨ - حضور الطعام عند من له فيه حاجة:

فعن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا وُضع عَشاءُ أحدكم

وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعَشاء ولا يَعْجل حتى يفرغ منه» وكان ابن عمر يوضع له الطعام وتقام الصلاة فلا يأتيها حتى يفرغ وإنه ليسمع قراءة الإمام (٢).

وقد حمل الجمهور قوله (فابدءوا بالعشاء) على الندب ثم اختلفوا، فمنهم من قيَّده بمن كان محتاجًا إلى الأكل وهو المشهور عند الشافعية، ومنهم من لم يقيده وهو قول الثوري وأحمد وإسحاق وعليه يدل فعل ابن عمر، وأفرط ابن حزم فقال: تبطل الصلاة!! (يعني: إذا قدَّمها على العشاء) ومنهم من اختار البداءة بالصلاة لمن لم يكن متعلق النفس به، وهو منقول عن مالك وأصحابه، قالوا: فإن أعجله عن صلاته وبدأ بالطعام استحب له الإعادة!! (٣).

قلت: أما استحباب الإعادة، فلا دليل عليه، وأما كون الأمر بتقديم الطعام على الصلاة على الندب لا على الوجوب، فدليله حديث عمرو بن أمية قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل ذراعًا يجتزُّ منها، فدعى إلى الصلاة فقام وطرح السِّكين، فصلِّي ولم يتوضأ» (٤).

٩ - مدافعة الأخبثين: أي البول والغائط، لحديث عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان» (٥).

وعن عبد الله بن الأرق: أنه خرج حاجًّا أو معتمرًا ومعه الناس، وهو يؤمهم، فلما كان ذات يوم أقام الصلاة -صلاح الصبح- ثم قال: ليتقدم أحدكم -وذهب الخلاء- فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أراد أحدكم أن يذهب الخلاء، وقامت الصلاة، فليبدأ بالخلاء» (٦).


(١) ضعيف مرفوعًا: تقدم تخريجه في «حكم صلاة الجماعة».
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٦٧٣)، ومسلم (٥٥٩).
(٣) «فتح الباري» (٢/ ١٨٨) بتصرف يسير.
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٦٧٥)، ومسلم (٣٥٥).
(٥) صحيح: أخرجه مسلم (٥٦٠)، وأبو داود (٨٩)، وأحمد (٦/ ٤٣).
(٦) صحيح بطرقه: أخرجه أبو داود (٨٨)، والنسائي (٢/ ١١٠)، والترمذي (١٤٢)، وابن ماجه (٦١٦) وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>