للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجل المرض، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا مرض تخلَّف عن المسجد وقال: «مُروا أبا بكر فليصلِّ بالناس» (١).

«فإن كان مرضٌ يسير لا يشق معه القصد، كوجع ضرس وصداع يسير وحمَّى خفيفة فليس بعذر،

وضبطوه بأن تلحقه مشقة كمشقة المشي في المطر» (٢).

فإن أخذ بالعزيمة -إن قدر- فأتى مع مرضه فهو أفضل:

فعن ابن مسعود قال: «لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق قد عُلم نفاقُه أو مريض، وإن كان المريض ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة ....» (٣).

٦ - العلَّة، كالعَمَى ونحوه: فقد رخَّص النبي صلى الله عليه وسلم لعتبان بن مالك أن يصلي في بيته لمَّا قال: «يا رسول الله، قد أنكرت بصري، وأنا أصليِّ لقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم ...» الحديث (٤).

فاجتمع له العمى مع المطر، وفي لفظ من حديث أنس: «قال رحل من الأنصار إني لا أستطيع الصلاة معك، وكان رجلاً ضخمًا ... الحديث» (٥)، وقد عدَّ بعض العلماء ضخامة الرجل وكونه سمينًا من الأعذار.

والشاهد أن الأعمى إن لم يجد قائدًا يقوده إلى المسجد كان هذا مبيحًا لتخلُّفه عن الجماعة عند الجمهور خلافًا للحنفية فعذروه مطلقًا ولو كان له قائد (٦).

٧ - الخوف: كأن يخاف على نفسه من سلطان أو ظالم أو عدو أو لص ونحو ذلك، أو يخاف على ماله، أو على أهله ومن يلزمه الذبُّ عنه، فإن ذلك عذر في التخلف عن الجماعة عند العلماء على اختلاف بينهم في بعض التفصيلات (٧).

والعمدة في هذا ما رُوى عن ابن عباس مرفوعًا: «من سمع النداء، فلم يمنعه


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٦٦٤)، ومسلم (٤١٨).
(٢) «المجموع» للنووي (٤/ ٢٠٥).
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٦٥٤)، وغيره وقد تقدم.
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٤٢٥)، ومسلم (٣٣).
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (٦٧٠)، وأبو داود (٦٥٧).
(٦) «ابن عابدين» (١/ ٣٧٣)، و «الدسوقي» (١/ ٣٩١)، و «كشاف القناع» (١/ ٤٩٧).
(٧) «ابن عابدين» (١/ ٣٧٤)، و «مغنى المحتاج» (١/ ٢٣٥)، و «المغنى» (١/ ٦٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>