للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسؤال أهل العلم: هل لهذا النص ناسخ أو مخصص أو مقيد مثلًا. وإخبارهم بذلك ليس من نوع التقليد، بل هو من نوع الاتباع.

وسنبين إن شاء الله الفرق بين التقليد والاتباع في مسألة التقليد الآتية.

والحاصل أن نصوص الكتاب والسنة التي لا تحصى واردة بإلزام جميع المكلفين بالعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وليس في شيء منها التخصيص بمن حصل شروط الاجتهاد المذكورة.

(٩) شبهة: الامتثال لقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ}:

اعلم أن من حجج المقلدين ادعاءهم الامتثال لقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (١) قالوا: فأمر سبحانه من لا علم له أن يسأل من هو أعلم منه، وهذا نصُّ قولنا!!.

وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم من لا يعلم إلى سؤال من يعلم، فقال- في حد صاحب الشجة-: «ألا سألوا إذا لم يعلموا، فإنما شفاء العيى السؤال» (٢).

قال الشنقيطي رحمه الله (٣):

أما استدلالهم بآية: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} فهو استدلال في غير محله.

فإن الآية لا تدل على هذا النوع من التقليد الأعمى الذي هم عليه من التزام جميع أقوال رجل واحد وترك جميع ما سواها.

ولاشك أن المراد بأهل الذكر أهل الوحي الذي يعلمون ما جاء من عند الله كعلماء الكتاب والسنة.

فقد أُمروا أن يسألوا أهل الذكر ليُفتوهم بمقتضى ذلك الذكر الذي هو الوحي.

ومن سأل عن الوحي وأعلم به وبُين له كان عمله به اتباعًا للوحي لا تقليدًا، واتباع الوحي لا نزاع في صحته.


(١) سورة النحل، الآية: ٤٣.
(٢) سيأتي الحديث في «المسح على الجبيرة» من هذا الكتاب إن شاء الله.
(٣) «أضوان البيان» (٧/ ٥١٠، ٥١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>