للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن أمكن الصلاة خلف غير الفاسق فينبغي ترك الصلاة خلفه، وإن لم يمكن وكان في تركه تعطيلاً للجماعات جازت الصلاة خلفه كما تقدم، والله أعلم.

فائدة: لا تصح الصلاة خلف الكافر: لأن صلاته لا تصح لنفسه ولم يصح الاقتداء به، وقد قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (١).

وقال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُوراً} (٢).

٥ - إمامة مستور الحال:

تصح الصلاة خلف من لا يُعلم منه بدعة ولا فسق باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم وليس من شرط الائتمام أن يعلم المأموم اعتقاد إمامه ولا أن يمتحنه فيقول: ماذا تعتقد؟ بل يصلي خلف مستور

الحال (٣).

لقوله صلى الله عليه وسلم: «يصلون لكم فإن أصابوا فلكم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم» (٤).

وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلَّى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته» (٥).

قال ابن حزم (٦): «فإن صلى خلف من يظنُّه مسلمًا، ثم علم أنه كافر أو أنه عابث أو انه لم يبلغ -فصلاته تامة، لأنه لم يكلفه الله تعالى معرفة ما في قلوب الناس ... وإنما كلفنا ظاهر أمرهم فأمرنا إذا حضرت الصلاة أن يؤمنا بعضنا في ظاهر أمره، فمن فعل ذلك فقد صلَّى كما أُمِر ...» اهـ. وقال الجمهور: عليه الإعادة إذا علم كفر إمامه بعد الصلاة.


(١) سورة الزمر، الآية: ٦٥.
(٢) سورة الفرقان، الآية: ٢٣.
(٣) «مجموع الفتاوى» لشيخ الإسلام (٢٣/ ٣٥١).
(٤) صحيح: تقدم قريبًا.
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (١/ ٣٩١)، وأبو داود (٢٦٤١)، والترمذي (٢٦٠٨)، والنسائي (٢/ ١٠٥).
(٦) «المحلى» (٤/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>