للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرات أبدًا حضرًا ولا سفرًا، ويخفي ذلك على خلفائه الراشدين، وعلى جُمهور أصحابه، وأهل بلده في الأعصار الفاضلة (١).

القول الثاني: يُسَنُّ الجهر بها، وهو مشهور مذهب الشافعي، وحجَّته:

١ - ما رواه نعيم المجمر قال: صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} فقال: آمين، فقال الناس: آمين ويقول كلما سجد: الله أكبر، وإذا قام من الجلوس في الاثنتين قال: الله أكبر، وإذا سلَّم قال: والذي نفسي بيده، إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم» (٢) وأجيب عنه: باحتمال أن يكون أبو هريرة أشبههم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم في معظم الصلاة لا في جميع أجزائها على أنه قد رواه جماعة عن نعيم عن أبي هريرة بدون ذكر البسملة، فالحديث ليس صريحًا في كون النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالبسملة.

٢ - حديث قتادة قال: سئل أنس: كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: «كانت مدًّا، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، ويمدُّ بالرحمن، ويمد بالرحيم» (٣).

ويجاب عنه: بأنه غير صريح بأنه سمع هذا من النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، بل الثابت عنه عدم الجهر كما تقدم.

٣ - ما رُوى عن ابن عباس: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم» (٤).

وأجيب: بأنه ضعيف لا يحتج به، ثم هو محتمل للإسرار والجهر.

الراجح: مما سبق نرى أنه ليس في الجهر بالبسملة في الصلاة حديث صحيح صريح يكافئ في دلالته حديث أنس في عدم الجهر، فعليه فالأولى الإسرار بالبسملة، «ومع هذا، فالصواب: أن ما لا يجهر به قد يُشرع الجهر به لمصلحة راجحة، فيشرع للإمام أحيانًا لمثل تعليم المأمومين ... ويسوغ أيضًا أن


(١) «زاد المعاد» (١/ ٢٠٦ - ٢٠٧).
(٢) صحيح: أخرجه النسائي (٢/ ١٣٤)، وأحمد (٢/ ٤٩٧)، وابن خزيمة (٤٩٩)، وابن حبان (١٧٩٧).
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٥٠٤٦).
(٤) ضعيف: أخرجه الترمذي (٢٤٥) وغيره، وانظر أحاديث أخرى في بابه لا تخلو من مقال في «نصب الراية» (١/ ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>