للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يترك الإنسان الأفضل لتأليف القلوب واجتماع الكلمة، خوفًا من التنفير عما يصلح ...» (١).

تنبيه: ثم ليُعلم أن الخلاف في هذه المسألة قريب فلا ينبغي التعصُّب لها ولا المبالغة في قدرها، ولذا قال شيخ الإسلام: «وأما التعصُّب لهذه المسألة ونحوها، فمن شعائر الفرقة والاختلاف الذي نُهينا عنه، إذ الداعي لذلك هو ترجيح الشعائر المفرقة بين الأمة، وإلا فهذه المسائل من أخف مسائل الخلاف جدًّا،

لولا ما يدعو إليه الشيطان من إظهار شعائر الفرقة» اهـ (٢).

قراءة المأموم الفاتحة خلف الإمام: فيها ثلاثة أقوال لأهل العلم:

الأول: لا يقرأ المأموم في السرية ولا في الجهرية: وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه (٣)، وحجتهم:

١ - ما يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان له إمام، فقراءة الإمام له قراءة» (٤). وهو ضعيف من جميع طرقه لا يحتج به.

٢ - حديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى الظهر فجعل رجل يقرأ خلفه: سبِّح اسم ربك الأعلى، فلما انصرف قال: «أيكم قرأ، أو: أيكم القارئ؟» فقال رجل: أنا، فقال: «لقد ظننتُ أن بعضكم خالجنيها» (٥) وغاية ما فيه النهي عن رفع الصوت بالقراءة خلفه في السرية كما هو واضح!!

٣ - أن قراءة الفاتحة ليست بواجبة أصلاً -عندهم- فلم تجب على المأموم!! وهو مردود كما لا يخفى.

القول الثاني: يقرأ في السرية دون الجهرية، وهو مذهب الجمهور: الزهري ومالك وابن المبارك والشافعي في القديم ومحمد صاحب أبي حنيفة وأحمد بن حنبل، واختيار شيخ الإسلام (٦) وحجة هذا القول:


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٤٣٦)، وانظر «نصيب الراية» (١/ ٣٢٨).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٤٠٥).
(٣) «المبسوط» (١/ ٢٠٠)، و «البدائع» (١/ ١٠٣).
(٤) ضعيف: أخرجه ابن ماجه (٨٥٠)، وأحمد (١٤١١٦)، و «فتح القدير» (١/ ٣٣٩).
(٥) صحيح: أخرجه مسلم (٣٩٨)، والنسائي (٩١٧)، وأبو داود (٨٢٨).
(٦) «المغنى» (١/ ٣٣٠)، و «كشاف القناع» (١/ ٤٦٤)، و «مواهب الجليل» (١/ ٥٣٧)، و «مجموع الفتاوى».

<<  <  ج: ص:  >  >>