للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحديثان يخصصان عموم الآية الكريمة وحديث: «وإذا قرأ فأنصتوا» بما عدا قراءة المأموم الفاتحة، هذا على أن زيادة «وإذا قرأ فأنصتوا» مما اختلف الحفاظ في صحته، وقال أبو داود: ليست بمحفوظة، وكذا قال ابن معين وأبو حاتم الرازي والدارقطني وأبو علي النيسابوري، واجتماع هؤلاء الحفاظ على تضعيفها مقدَّم على تصحيح مسلم، لا سيما ولم يروها مسندة في صحيحه، والله أعلم (١).

ومما يؤيد هذا التخصيص المذكور:

٣ - حديث عبادة بن الصامت قال: كنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فثقلت عليه القراءة فلما فرغ، قال: «لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟» قلنا: نعم هذا يا رسول الله، قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها» (٢).

٤ - وعن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«لعلكم تقرءون خلف الإمام، والإمام يقرأ؟» قالوا: إنا لنفعل ذلك، قال: «فلا تفعلوا إلا أن يقرأ أحدكم بأم الكتاب، أو قال: فاتحة الكتاب» (٣).

٥ - وأما ما ادَّعوه من أن حديث أبي هريرة ناسخ لأحاديث الأمر بالقراءة، فقد ادَّعى الحازمي في «الاعتبار» (ص/ ٧٢ - ٧٥) عكسه، فجعل أحاديث الوجوب ناسخة لأحاديث النهي، والحق أنه لا دليل على هذا أو ذاك، فوجب الرجوع إلى قواعد الجمع أو الترجيح، هذا على أن قوله (فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر ...) مدرج من قول الزهري كما في رواية أحمد (٢/ ٢٤٠) وغيره، واتفق على هذا البخاري في «تاريخه» وأبو داود، ويعقوب بن يوسف والذهلي والخطابي وغيرهم، وقال النووي: هذا مما لا خلاف فيه بينهم، قلت وإذا كان كذلك فلا حجة فيه، فسقطت جميع المعارضات، والله أعلم.

متى يقرأ المأموم الفاتحة خلف إمامه؟ (٤).

تقرر أن قراءة الفاتحة ركن لابد منه في كل ركعة سواء في ذلك الإمام والمنفرد


(١) «شرح مسلم» للنووي (٤/ ١٢٣) ط. إحياء التراث العربي.
(٢) حسن: أخرجه أبو داود (٨٢٣)، والبخاري في «جزء القراءة» (٦٣، ٦٤)، والترمذي (٣١١) وغيرهم.
(٣) صحيح: أخرجه أحمد (٥/ ٦٠)، والبخاري (٦٣) في «جزء القراءة»، والبيهقي (٢/ ١٦٦).
(٤) «نيل الأوطار» (٢/ ٢٥١) ط. الحديث، بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>