للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكبِّروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسًا فصلُّوا جلوسًا أجمعون» (١).

وفي لفظ لمسلم: «لا تبادروا الإمام، وإذا كبَّر فكبروا ....» الحديث.

وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل الله صورته صورة حمار؟!» (٢).

فدلَّت هذه الأحاديث على تحريم مسابقة الإمام في الصلاة، وقال الجمهور يأثم فاعله وتجزئ صلاته، وقال أحمد وأهل الظاهر: تبطل صلاته، وبه قال ابن عمر (٣).

ولا يجوز مساواته كذلك:

فعن البراء قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: سمع الله لمن حمده لم يَحْنِ أحدٌ منا ظهره حتى يقع النبي صلى الله عليه وسلم ساجدًا، ثم نقع سجودًا بعده» (٤).

وأما التخلُّف عن الإمام: فإن كان لعذر كمرضٍ ونحوه فلا حرج، وإن تعمَّد التأخر كُره، وقال بعض العلماء: إن تأخر بأكثر من ركن عن الإمام بطلت صلاته، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به ...» والله أعلم.

هل يُتابع الإمام إذا زاد في الصلاة؟ كأن يسهو الإمام فيقوم إلى خامسة ويسبح به ولا يلتفت لقولهم، ظانًّا أنه لم يَسْهُ، فقال شيخ الإسلام: إن قاموا معه جاهلين لم تبطل صلاتهم، لكن مع العلم لا ينبغي لهم أن يتابعوه بل ينتظروه حتى يسلِّم بهم، أو يسلموا قبله، والانتظار أحسن. اهـ.

قلت: ولقائل أن يقول: يتابعونه لعموم الأدلة الآمرة بمتابعته، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى خامسة قام الصحابة ولم يأمرهم إذا قام الإمام للخامسة أن يقعدوا، والمسألة موضع اجتهاد، فلتحرر، والله أعلم.

إذا صلَّى الإمام قاعدًا لعذر:

تقدم أن صلاة الصحيح خلف المعذور تصح، فإذا صلَّى القادرون على القيام خلف إمام قاعد لعذر، فهل يصلون قيامًا أو قعودًا؟ لأهل العلم في هذا قولان:


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٧٣٤)، ومسلم (٤١٤، ٤١٦).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٦٩١)، ومسلم (٤٢٧).
(٣) «فتح الباري» (٢/ ٢١٥).
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٦٩٠)، ومسلم (٤٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>