للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٥] هل ينتظر الإمام إذا أحسَّ بالداخل ليدرك الركوع أو الجماعة؟

يُشرع للإمام أن يطوِّل الركعة الأولى أكثر من الثانية، ليدرك الناس الركعة الأولى، كما كان يفعله صلى الله عليه وسلم: فعن أبي قتادة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الأولين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب، ويسمعنا الآية أحيانًا، ويطوِّل في الركعة الأولى ما لا يطيل في الثانية، وهكذا في العصر، وهكذا في الصبح [فظننا أنه يريد أن يدرك الناس الركعة الأولى» (١).

وعن أبي سعيد قال: «لقد كانت الصلاة تُقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته، ثم يتوضَّأ، ثم يأتي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى مما يطوِّلها» (٢).

ومن هنا أخذ بعض القائلين، بإدراك الركعة بالركوع: أن الإمام إذ أحس بداخل -وهو في الركوع- فإنه ينتظره ليدرك الركعة، ما لم يشقَّ انتظاره عليهم، وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق (٣).

تكرار الجماعة في المسجد الواحد (٤):

المسجد لا يخلو من أن يكون له أحد وصفين:

[١] مسجد في السوق، أو في طريق الناس وممرِّهم: يتعاقب عليه الناس فوجًا بعد فوج، فهذا يجوز تكرار الجماعة فيه بالاتفاق، من غير كراهة.

[٢] مسجد حيٍّ له إمام راتب: فهذا هو محل الخلاف بين العلماء (٥)، والتحقيق أن يقال: إن تكرار الجماعة فيه له حالتان:

الأولى: أن يكون أمرًا عارضًا، والأصل أن الجميع - إلا من تأخر لعذر- يصلون مع الإمام الراتب، فأحيانًا يدخل اثنان أو أكثر وقد سلَّم الإمام، فيُشرع


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٧٧٦)، ومسلم (٤٥١)، وأبو داود (٧٩٨)، والزيادة له.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٤٥٤)، والنسائي (٢/ ١٦٤)، وابن ماجه (٨٢٥).
(٣) «المغنى» (١/ ٢٣٦)، و «نيل الأوطار» (٣/ ١٦٦).
(٤) «ابن عابدين» (١/ ٣٣١)، و «البدائع» (١/ ١٥٣)، و «الدسوقي» (١/ ٣٣٢)، و «المغنى» (٢/ ١٨٠)، و «كشاف القناع» (١/ ٤٥٧)، و «المجموع» (٤/ ٢٢١)، و «الأم» (١/ ١٨٠)، و «الأوسط» (٤/ ٢١٥).
(٥) فأجازه عطاء والحسن والنخعي وقتادة وأحمد وإسحاق من غير كراهة، وكرهه الجمهور في الجملة على اختلاف بينهم في تقييد هذه الكراهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>