ومن أعفَّ نفسه من النظر، وأضرب عما ذكرنا، وعارض السنن برأيه، ورام أن يردها إلى مبلغ نظره؛ فهو ضال مضل، ومن جهل ذلك كله أيضًا وتقحم في الفتوى بلا علم، فهو أشد عمى، وأضل سبيلاً».
فهذا هو الحق ما به خفاء
فدعني عن بنيات الطريق ا. هـ.
أقول: في هذه التنبيهات ما يكفي المنصف في رجوعه إلى التحاكم إلى الكتاب والسنة ونبذ ما يخالفهما، وفي ردِّه عن التقليد على غير هدى، فإن أبى أحدهم إلا التقليد، فنقول: قد نقل ابن عبد البر وغيره من العلماء «الإجماع على أن المقلِّد ليس معدودًا من أهل العلم» ولا يجوز للمقلِّد الاعتراض على المجتهد، فإن قال: لست بمجتهد، قلنا: إن الاجتهاد يتجزأ كما ذكر أهل العلم، وليس من شرط المجتهد أن يجتهد في كل مسألة، فلا يُقبل اعتراضك، «فما للأعمى ونقد الدراهم»!!.
(١٤) وأخيرًا: هل في الاختلاف توسعة ورحمة؟ وهل الحق يتعدد؟
كثير ممن ينتسبون إلى المذاهب الفقهية - خصوصًا هذه الأيام- هم على النقيض من أولئك المتشبثين بمذهب بعينه لا يحيدون عنه؛ فهم يرون صحة الأخذ بأي مذهب كان مهما كان مستنده، فأجازوا اختيار ما راق لهم ووافق هواهم وحقق مصالحهم من هذه المذاهب، ولو كان الدليل على خلافه، بحجة أنه قال به بعض العلماء، وأن هذا من التوسعة على الأمة مستدلين بحديث «اختلاف أمتي رحمة»!!.
وقد أجاب عن هذه الشبهة العلامة الألباني -رحمه الله- فقال (١):
والجواب من وجهين:
الأول: أن الحديث لا يصح، بل هو باطل لا أصل له؛ قال العلامة السبكي: