للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي -رحمه الله-: إنما كان يترك الصلاة عليه ليحرض الناس على قضاء الدين في حياتهم، والتوصل إلى البراءة منها لئلا تفوتهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فلما فتح الله عليه عاد يصلي عليهم ويقضي دين من لم يخلف وفاء اهـ (١).

وعلى هذا فلا ينبغي لأحد من المسلمين أن يدع الصلاة على المدين من أجل دينه. والحمد لله رب العالمين.

الصلاة على قاتل نفسه:

للعلماء في ذلك ثلاثة أقوال:

القول الأول: لا يصلى عليه وهو مذهب عمر بن عبد العزيز، والأوزاعي (٢) وحجتهم حيث جابر بن سمرة قال: أتُي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص (٣) فلم يصلِّ عليه (٤).

القول الثاني: يُصلَّى عليه وبه قال الحسن والنخعي وقتادة ومالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء، وقد أجابوا عن حديث جابر المتقدم بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عليه بنفسه زجرًا للناس على مثل فعله، وصلَّت عليه الصحابة، وهذا كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة في أول الأمر على من عليه دين زجرًا لهم عن التساهل في الاستدانة وعن إهمال وفائه وأمر أصحابه بالصلاة عليه فقال صلى الله عليه وسلم: «صلوا على صاحبكم».

وقال القاضي: مذهب العلماء كافة الصلاة على كل مسلم ومحدود ومرجوم وقاتل نفسه وولد الزنا (٥).

القول الثالث: أن يتجنب أهل الفضل والصلاة الصلاة عليه وهو مروي عن مالك وغيره (٦). وهو الأظهر.

وإليه جنح ابن تيمية حيث قال: «فيجوز لعموم الناس أن يصلوا عليه، وأما


(١) مسلم شرح النووي (١١/ ٦٠).
(٢) مسلم شرح النووي (٧/ ٤٧).
(٣) المشاقص: جمع مشقص وهو نصل السهم.
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (٩٧٨).
(٥) انظر «النووي» شرح مسلم (٧/ ٤٧).
(٦) «النووي» شرح مسلم (٧/ ٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>