للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ ....} (١). وليس معنى هذا أنه لا يحاسب على تركها، فإن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة على المعتمد في الأصول، والله أعلم.

هذا في الكافر الأصلي، أما المرتد -والعياذ بالله- (٢) فإن كانت الزكاة قد وجب عليه في حال إسلامه فلا تسقط عنه بالردة -عند الشافعية والحنابلة- لأنها حق ثبت وجوبه فلم يسقط بردته كغرامة المتلفات.

وذهب الحنفية إلى أنها تسقط بالردة.

هل تجب الزكاة في مال الصغير والمجنون؟

للعلماء في هذه المسألة قولان مشهوران:

الأول: لا تجب الزكاة في مالهما إما مطلقًا أو في بعض الأموال (٣):

وبهذا قال الحنفية، وهو مروي عن بعض السلف.

قالوا: لأن الزكاة عبادة محضة كالصلاة، فهي تفتقر إلى نية، والصبي والمجنون لا تتحقق منهما النية.

ولأن الصبي والمجنون قد سقط عنهما التكليف فلا تجب عليهما.

ولأن الزكاة طهرة للمزكي، والتطهير إنما يكون من أرجاس الذنوب، ولا ذنب للصبي والمجنون.

ولأن في عدم الأخذ من مالهما حفاظًا على هذا المال، مع عدم استطاعتهما استثماره.

القول الثاني: تجب الزكاة في مال الصبي والمجنون مطلقًا (٤):

وهو قول الجمهور، وهو قول عمر وعلي وعبد الله بن عمر وعائشة وجابر بن عبد الله (٥)، ولا يُعلم لهم من الصحابة مخالف إلا رواية ضعيفة عن ابن عباس لا يحتج بها.


(١) سورة التوبة: ٥٤.
(٢) «الموسوعة الفقهية» (٢٣/ ٢٣٣ - الكويت)، و «فقه الزكاة» (١/ ١١٥).
(٣) «المغنى» (٢/ ٦٢٢)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ٤ - ٥)، و «المجموع» (٥/ ٣٢٩)، و «المحلى» (٥/ ٢٠٥)، و «فقه الزكاة» (١/ ١٢٥).
(٤) «المحلى» (٥/ ٢٠١)، و «المجموع» (٥/ ٣٢٩)، و «مجموع الفتاوى» (٢٥/ ١٧)، و «الموسوعة» (٢٣/ ٢٣٢)، و «الشرح الممتع» (٦/ ٢٦).
(٥) انظر مصنف عبد الرزاق (٦٩٨٦ إلى ٦٩٩٢)، ومصنف ابن أبي شيبة (٣/ ١٤٩)، و «سنن البيهقي» (٤/ ١٠٧)، و «المحلى» (٥/ ٢٠٨)، والأموال لأبي عبيد (ص ٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>