للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على من كان في سعادة نفسه ساعيًا، وكان قلبه حيًا واعيًا بنفسه عن أن يجعل كده وسعيه في نصرة من لا يملك له ضرًا ولا نفعًا، وأن ينزلها في منازل الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، فإن لله يومًا يخسر فيه المبطلون، ويربح فيه المحققون {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً} (١)، {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً} (٢)،

فما ظن من اتخذ غير الرسول إمامه، ونبذ سنته وراء ظهره، جعل خواطر الرجال وآراءها بين عينه وأمامه، فسيعلم يوم العرض أي بضاعة أضاع، وعند الوزن ماذا أحضر من الجواهر أو خرثى المتاع» اهـ (٣).

ومن هنا اشتدت العزيمة، ويممت قبلة القصد إلى جمع كتاب في أبواب الفقه على نسق استحسنته (٤)، رجاء أن أنال الخيرية من الفقه في الدين.

وقد دفعني إلى جمعه على هذا النسق وتلك الطريقة ثلاثة أمور:

الأول: بعض السلبيات في الكتب الفقهية القديمة، سواء من حيث الشكل أو من حيث المضمون والمحتوى (٥):

(أ) فمن حيث الشكل وطريقة الترتيب والتبويب، فإن الموضوعات في بعض هذه الكتب تتداخل تداخلاً يصعب معه -أحيانًا- العثور على المسألة المطلوبة حتى على بعض المختصين، لا سيما مع عدم وجود الفهارس الموضوعية التي تُيسِّر على الباحث مهمته، في أكثرها.

ومن حيث الأسلوب، فأسلوبها -وإن ناسب العصر الذي كتبت فيه- إلا أنه مما يعسر فهمه على المعاصرين وما يلحظ فيه: ضغط العبارة وحصر المعنى الواسع في لفظ قليل موجز، يصل إلى التعقيد والركاكة، وهذا يوجد في المتون والمختصرات التي كثرت في المتأخرين وصارت عمدة الدارسين والمتفقهين.


(١) سورة الفرقان، الآية: ٢٧.
(٢) سورة الإسراء، الآية: ٧١ ..
(٣) مقتبس من مقدمة العلامة بكر أبي زيد -حفظه الله- في «تقريب علوم ابن القيم» ص ١٠ - ١٤.
(٤) سأبين مسلكي في هذا الكتاب قريبًا إن شاء الله.
(٥) «ضوابط للدراسات الفقهية» للشيخ سلمان حفظه الله (ص: ٣٣ - ٣٨) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>