للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ب) أنه مائع خارج من حيوان فأشبه اللبن، واللبن لا زكاة فيه بالإجماع.

٢ - وذهب الحنفية وأحمد إلى أن العسل تؤخذ منه الزكاة واحتجوا بأمرين:

(أ) بعض الآثار الواردة في هذا:

كحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه أخذ من العسل العشر» (١).

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «جاء هلال -أحد بني متعان- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشور نحل له، وكان سأله أن يحمي له واديًا يقال له سلبة فحمى له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الوادي، فلما ولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب سفيان بن وهب إلى عمر بن الخطاب يسأله عن ذلك، فكتب عمر رضي الله عنه: إن أدَّى إليك ما كان يؤدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عشور نحله فاحمِ له سلبته، وإلا فإنما هو ذباب غيث يأكله من شاء» (٢).

قلت: والذي يظهر لي أن الرواية الثانية هي الصواب وأنها تُعِلُّ الأولى، فإن الرواية الأولى من طريق ابن لهيعة والأخرى من طريق عمرو بن الحارث (ثقة ففيه حافظ) والمخرج متحد، والعجب من ابن القيم -رحمه الله- حيث قال: «هذه الآثار يقوي بعضها بعضًا، وقد تعددت مخارجها! واختلفت طرقها، ومرسلها يعضد بمسندها»؟! (٣).

هذا على أن الرواية الأخرى اختلف في وصلها وإرسالها.

وعلى فرض ثبوتها وأنها موصولة فلا حجة فيها، لأن الظاهر أن أخذ العشر من العسل لم يكن زكاة، وإنما كان في مقابلة الحمى (٤)، ولو كان زكاة واجبة لم يكن لعمر الفقه المحدَّث أن يخيِّر فيها. والله أعلم.


(١) ضعيف: أخرجه ابن ماجه (١٨٢٤)، وأبو عبيد في «الأموال» (٤٩٧/ ١٤٨٩) وسنده ضعيف.
(٢) أبو داود (١٦٠٠)، والنسائي (١/ ٣٤٦) وغيرهما بسند صحيح واختلف في وصله وانظر «الإرواء» (٨١٠).
(٣) «زاد المعاد» (١/ ٣١٢).
(٤) وأشار إلى هذا الحافظ في «الفتح» (٣/ ٣٤٨) وقبله ابن زنجويه في «الأموال» (١٠٩٥)، ثم الخطابي في «معالم السنن» (١/ ٢٠٨)، ثم رأيت الألباني في «تمام المنة» (ص ٣٧٤) مال إلى هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>