للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجل بقيتها، وجعل عمر يقسم المائتين بين من حضره من المسلمين إلى أن أفضل منها فضلة، فقال: أين صاحب الدنانير؟ فقام إليه، فقال عمر: خذ هذه الدنانير فهي لك» (١).

والشاهد: أنها لو كانت زكاة لخص بها أهلها، ولم يرده على واجده.

قالوا: ولأنه يجب على الذمي، والزكاة لا تجب عليه، ولأنه مال مخموس زالت عنه يد الكافر [على اعتبار أنه دفن الجاهلية] فأشبه خمس الغنيمة.

قلت: الدليلان لا يصلحان للاحتجاج بهما، ولذا قال الألباني (٢) -رحمه الله تعالى-: «وليس في السنة ما يشهد صراحة لأحد القولين على الآخر، ولذلك اخترت في (أحكام الركاز) أن مصرفه يرجع إلى رأي إمام المسلمين، يضعه حيثما تقتضيه مصلحة الدولة، وهو الذي اختاره أبو عبيد في (الأموال)» اهـ.

هل تدخل المعادن في حكم الركاز؟

١ - ذهب مالك -في إحدى الروايتين- والشافعي -في قوله الثاني- إلى أن المعادن لا يجب فيها شيء إلا الأثمان (الذهب والفضة).

٢ - وذهب الجمهور إلى أن المعادن على اختلاف أنواعها من ذهب وفضة ونحاس وحديد ورصاص ... وبترول، كالركاز يجب فيه حق، على خلاف في مقداره (٣) وهذا هو الأرجح لعموم قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ} (٤).

ولا شك أن النفط (البترول) الذي يعرف بالذهب الأسود هو من أثمن الأثمان فلا يصح أن يخرج من هذا الحكم، والله أعلم.

مقدار الواجب في المعدن:

ذهب أبو حنيفة وأصحابه، وأبو عبيد، وغيرهم إلى أن الواجب في المعدن الخمس كالركاز.

بينما ذهب الجمهور إلى أن فيه ربع العشر قياسًا على النقدين وسبب الخلاف، اختلافهم في معنى الركاز، وهل يشمل المعدن أم لا؟


(١) «الأموال» لأبي عبيد (٨٧٤) بسند ضعيف.
(٢) «تمام المنة» (ص: ٣٧٨).
(٣) المبسوط (٢/ ٢٩٥)، و «المدونة» (١/ ٢٩٢)، و «الأم» (٢/ ٤٥)، و «المغنى» (٣/ ٥٠).
(٤) سورة البقرة: ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>