لم يكن قادرًا على الأداء لبعض ما وجب عليه، فإن كان لا يجد شيئًا أصلاً دفع إليه جميع ما يحتاج إليه للوفاء. الثاني: إعتاق الرقيق المسلم، وقد ذهب إلى جواز الصرف من الزكاة في ذلك المالكية وأحمد في رواية، وعليه فإن كانت الزكاة بيد الإمام أو الساعي جاز له أن يشتري رقبة أو رقابًا فيعتقهم، وولاؤهم للمسلمين. وكذا إن كانت الزكاة بيد رب المال فأراد أن يعتق رقبة تامة منها، فيجوز ذلك لعموم الآية {وَفِي الرِّقَابِ} ويكون ولاؤها عند المالكية للمسلمين أيضًا، وعند الحنابلة: ما رجع من الولاء رد في مثله، بمعنى أنه يشتري بما تركه المعتق ولا وارث له رقاب تعتق. وعند أبي عبيد: الولاء للمعتق. وذهب الحنفية والشافعية وأحمد في رواية أخرى إلى أنه لا يعتق من الزكاة، لأن ذلك كدفع الزكاة إلى القن، والقن لا تدفع إليه الزكاة؛ ولأنه دفع إلى السيد في الحقيقة، وقال الحنفية: لأن العتق إسقاط ملك، وليس بتمليك، لكن إن أعان من زكاته في إعتاق رقبة جاز عند أصحاب هذا القول من الحنابلة. الثالث: أن يفتدي أسيرًا مسلمًا من أيدي المشركين، وقد صرح الحنابلة وابن حبيب وابن عبد الحكم من المالكية بجواز لأنه فك رقبة من الأسر، فيدخل في الآية بل هو أولى من فك رقبة من بأيدينا. وصرح المالكية بمنعه.
[٦] الغارمون: والغارمون المستحقون للزكاة ثلاثة أضرب: الضرب الأول: من كان عليه دين لمصلحة نفسه. وهذا متفق عليه من حيث الجملة، ويشترط لإعطائه من الزكاة ما يلي:
١ - أن يكون مسلمًا.
٢ - أن لا يكون من آل البيت، وعند الحنابلة قول بجواز إعطاء مدين آل البيت منها.
٣ - واشترط المالكية أن لا يكون قد استدان ليأخذ من الزكاة، كأن يكون عنده ما يكفيه وتوسع في الإنفاق بالدين لأجل أن يأخذ منها، بخلاف فقير استدان للضرورة ناويًا الأخذ منها.
٤ - وصرح المالكية بأنه يشترط أن يكون الدين مما يحبس فيه، فيدخل فيه دين الولد على والده، والدين على المعسر، وخرج دين الكفارات والزكاة.
٦ - أن يكون الدين حالاًّ، صرح بهذا الشرط الشافعية، قالوا: إن كان الدين مؤجلاً ففي المسألة ثلاثة أقوال، ثالثها: إن كان الأجل تلك السنة أعطى، وإلا فلا يعطى من صدقات تلك السنة.