للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل يجوز أن تُعطى الزكاة للابن أو الأب؟

دفع الزكاة إلى الوالدين، أو إلى الأبناء -ممن لا تلزمه نفقتهم- إن كانوا غارمين أو مكاتبين أو غزاة- جائز ومتجه قوي (١) وهو مذهب الشافعي (٢).

وأما إن كانوا فقراء، وهو عاجز عن نفقتهم، فالجمهور على منع دفع الزكاة إليهم.

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- (٣) أنه يجوز دفع الزكاة إليهم، إذا عجز عن نفقتهم.

وهذا هو الأظهر، لأن منع الجمهور من صرف الزكاة إلى من تلزم نفقتهم، كان لعلتين: (الأولى): أنه غني بالنفقة عليه، و (الثانية): أنه بالدفع إليه يجلب على نفسه نفعًا، وهو منع وجوب النفقة عليه.

فإذا كان الرجل عاجزًا عن النفقة عليهم أصلاً، أو لم تكن تلزمه نفقتهم، فقد انتفت العلتان، مع وجود المقتضى، فجاز، والله أعلم (٤).

هل يجوز للزوجة أن تدفع زكاتها لزوجها إن كان من أهل الزكاة.

اختلف العلماء في دفع المرأة زكاتها إلى زوجها على قولين:

[١] لا يجوز دفعها إليه: وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك ورواية عن أحمد (٥).

وحجتهم في هذا:

- أنه أحد الزوجين فلم يجز للآخر دفع زكاته إليه كالآخر.

- وأنها تنتفع بدفعها إليه.


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية (٢٥/ ٩٠ - ٩٢)، والمحلى (٦/ ١٥١ - ١٥٢).
(٢) المجموع للنووي (٦/ ٢٢٩).
(٣) مجموع الفتاوى (٢٥/ ٩٠ - ٩٢).
(٤) قلت: ولعله يؤيد الجواز، حديث معن بن يزيد قال: «.. وكان أبي -يزيد- أخرج دنانير يتصدق بها، فوضعها عند رجل في المسجد، فجئت فأخذتها فأتيته بها، فقال: والله ما إياك أردتُ فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن» رواه البخاري (١٤٢٢).
وهذا يحتمل أن يكون معن ممن يلزم أباه نفقته فيكون حجة لجواز دفع الزكاة إلى الأبناء مطلقًا. وإما أن يكون مستقلاًّ عن نفقة أبيه، فيكون حجة لجواز دفع الزكاة إلى الأبناء الذين لا يلزم الأب النفقة عليهم، والله أعلم.
(٥) المدونة (١/ ٢٩٨)، وشرح فتح القدير (٢/ ٢٠٩)، والمغنى (٢/ ٤٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>