[٨] ابن السبيل: سُمي بذلك لملازمته الطريق، إذ ليس هو في وطنه ليأوي إلى سكن. وهذا الصنف ضربان: -الضرب الأول: المتغرب عن وطنه الذي ليس بيده ما يرجع به إلى بلده: وهذا الضرب متفق على أنه من أصحاب الزكاة، فيعطى ما يوصله إلى بلده. إلا في قول ضعيف عند الشافعية: أنه لا يعطى؛ لأن ذلك يكون من باب نقل الزكاة من بلدها.
لا يعطى من الزكاة إلا بشروط: الشرط الأول: أن يكون مسلمًا، من غير آل البيت. الشرط الثاني: أن لا يكون بيده في الحال مال يتمكن به من الوصول إلى بلده وإن كان غنيًّا في بلده، فلو كان له مال مؤجل أو على غائب، أو معسر، أو جاحد، لم يمنع ذلك الأخذ من الزكاة على ما صرح به الحنفية. الشرط الثالث: أن لا يكون سفره لمعصية. صرح بهذا الشرط المالكية والشافعية والحنابلة، فيجوز إعطاؤه إن كان سفره لطاعة واجبة كحج الفرض، وبر الوالدين، أو مستحبة كزيارة العلماء والصالحين، أو كان سفره لمباح كالمعاشات والتجارات، فإن كان سفره لمعصية لم يجز إعطاؤه منها لأنه إعانة عليها، ما لم يتب، وإن كان للنزهة فقط ففيه وجهان عند الحنابلة: أقواهما: أنه لا يجوز؛ لعدم حاجته إلى هذا السفر. الشرط الرابع: وهو للمالكية خاصة: أن لا يجد من يقرضه إن كان ببلده غنيًّا. ولا يعطى أهل هذا الضرب من الزكاة اكثر مما يكفيه للرجوع إلى وطنه، وفي قول للحنابلة: إن كان قاصدًا بلدًا آخر يعطى ما يوصله إليه ثم برده إلى بلده.
قال المالكية: فإن جلس ببلد الغربة بعد أخذه من الزكاة نزعت منه ما لم يكن فقيرًا ببلده، وإن فضل معه فضل بعد رجوعه إلى بلده نزع منه على قول عند الحنابلة. ثم قد قال الحنفية: من كان قادرًا على السداد فالأولى له أن يستقرض ولا يأخذ من الزكاة. الضرب الثاني: من كان في بلده ويريد أن ينشئ سفرًا: فهذا الضرب منع الجمهور إعطاءه، وأجاز الشافعية إعطاءه لذلك بشرط أن لا يكون معه ما يحتاج إليه في سفره، وأن لا يكون في معصية، فعلى هذا يجوز إعطاء من يريد الحج من الزكاة إن كان لا يجد في البلد الذي ينشئ منه سفر الحج ما لا يحج به. والحنفية لا يرون جواز الإعطاء في هذا الضرب، إلا أنَّ مَن كان ببلده، وليس له بيده مال ينفق منه وله مال في غير بلده، لا يصل إليه، رأوا أنه ملحق بابن السبيل (١).