للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أن قوله صلى الله عليه وسلم: «فإن غم عليه فاقدروا له» معناه (ضيِّقوا له) وتضييق العدد بأن يجعل شعبان تسعة وعشرين.

٣ - أن قوله «فإن غم عليكم فاقدروا له» إنما هو في حال الصحو لأنه علَّق الصيام على الرؤية، فأما في حال الغيم فله حكم آخر.

٤ - أنه يحتمل أن يكون الهلال قد ظهر ومنعه الغيم، فيصوم احتياطًا.

الثالث: أن الناس تبع للإمام إن صام صاموا وإن أفطر فطروا: وهو رواية عن أحمد، لقوله صلى الله عليه وسلم: «الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحى الناس» (١).

قلت: وقول الجمهور بمنع الصيام أظهر للأدلة المتقدمة، وأما فعل ابن عمر فليس فيه ما يدل على أنه كان يعتقد وجوبه حتى يعتبر مفسرًا لما رواه، ويدل على ذلك أنه لو كان واجبًا لأمر الناس به ولو أهله، فغاية ما فيه أنه صامه استحبابًا أو احتياطًا، وهذا هو القول الرابع وهو الذي اختاره ابن تيمية وابن القيم، هذا على أنه قد ثبت عن ابن عمر قوله: «لو صمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذي يُشك فيه» (٢).

قلت: ثم إن فعل ابن عمر هذا مخالف لفعله صلى الله عليه وسلم الذي روته عائشة رضي الله عنه إذ قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ عن شعبان ولا يتحفظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان، فإن غم عليه عدَّ ثلاثين يومًا ثم صام» (٣).

إذا تبيَّن في يوم الشك أنه من رمضان:

كأن يكون الذي رأى الهلال لم يحضر عند القاضي إلا في أثناء النهار، أو أن يروا الهلال من النهار -قبل الزوال- ونحو ذلك، فلا يخلو من أحد أربعة:

١ - أن يكون قد صام يوم الشك بنية أنه من رمضان -كما هو مذهب الحنابلة- فهذا يجزئه صيامه بلا خلاف.

٢ - أن يكون قد صام هذا اليوم تطوعًا أو بنية معلقة، فذهب الجمهور إلى أنه لا يجزئه لأنه يجب تعيين النية واعتقاد أنه يصوم رمضان (٤).


(١) صححه الألباني: وقد تقدم قريبًا.
(٢) إسناده صحيح: نقله ابن القيم في «الزاد» (٢/ ٤٩) هم حنبل في مسائله بسند صحيح.
(٣) أخرجه أبو داود (٢٣٢٥)، وأحمد (٦/ ١٤٩)، والبيهقي (٤/ ٢٠٦) وسنده مقارب.
(٤) «الخرشي» (٢/ ٢٣٨)، و «المجموع» (٦/ ٢٧٠)، و «الروضة» (٢/ ٣٥٣)، و «المغنى» (٣/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>