للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفة: يجزئه -بناء على أصله في عدم اشتراط النية في رمضان- والإجزاء رواية عن أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام (١)، قلت: والأول أظهر من جهة الدليل.

٣ - أن يصبح ناويًا الإفطار ثم يتيقن أثناء النهار -وقبل أن يطعم أو يشرب شيئًا- أنه رمضان، فقال الشافعي (٢): يتم صومه وعليه الإعادة لأنه لم يبيت النية، وقال أبو حنيفة يجزئه.

٤ - أن يصبح مفطرًا ثم يتيقن أثناء النهار أنه من رمضان بعد ما طعم وشرب، فيجب عليك الإمساك بقية يومه بلا خلاف، لحديث سلمة بن الأكوع قال: «أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من أسلم أن أذن في الناس: أن من أكل فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم، فإنه اليوم يوم عاشوراء» (٣) وقد كان واجبًا حينها، ثم عليه قضاء هذا اليوم لأنه لم يبيِّت النية من الليل، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة (٤) وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية (٥) إلى أنه لا يلزمه -والحالة هذه- أن يقضيه، لأن القضاء يفتقر إلى دليل -لا سيما مع عدم التفريط- وأجاب عن عدم النية بأن النية تتبع العلم، وأن الله تعالى لا يكلف أحدًا أن ينوي ما لم يعلم، والعلم لم يحصل إلا أثناء النهار وهو مذهب وجيه، لكن الأحوط قضاؤه، والله أعلم.

إذا رُؤى الهلال في بلد، فهل يلزم سائر البلاد؟

في هذه المسألة ثلاثة أقوال لأهل العلم:

الأول: إذا رأى الهلال أهل بلد لزم جميع البلاد الصوم دون اعتبار اختلاف المطالع:

وهذا هو المعتمد عند الحنفية، ومذهب المالكية، وبعض الشافعية، والمشهور عند الحنابلة (٦).

- قالوا: لأن الخطاب في قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتموه فصوموا» لكل المسلمين.


(١) «المبسوط» (٣/ ٦٠)، و «المغنى» (٣/ ٢٧).
(٢) «فتح المالك في ترتيب التمهيد» لابن عبد البر (٥/ ٩٧).
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٢٠٠٧)، ومسلم (١١٢٩).
(٤) «الأم» (٢/ ٩٥)، و «الكافي» لابن قدامة (١/ ٣٥٠).
(٥) «مجموع الفتاوى» (٢٥/ ١١٠)، و «الشرح الممتع» (٦/ ٣٤٢)، و «الاختيارات» (ص: ١٠٧).
(٦) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٣٩٣)، و «الشرح الكبير» (١/ ٥١٠)، و «المجموع» (٦/ ٢٧٣)، و «الإنصاف» (٣/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>