للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - لأن المرأة لم تستفت النبي صلى الله عليه وسلم كما استفتاه الرجل، واعتراف الزوج عليها لا يوجب عليها حكمًا ما لم تعترف.

٤ - ويحتمل أن يكون سبب السكوت عن حكم المرأة ما عرفه من كلام زوجها بأنها لا قدرة لها على شيء.

الثالث: أن يجزيهما كفارة واحدة إلا إن كانت الكفارة بالصيام فعليهما: وهذا مذهب الأوزاعي.

قلت: والأرجح مذهب الجمهور، وقول الشافعي ليس ببعيد كذلك، والله أعلم.

تنبيه: المرأة إذا كانت مكرهة أو ناسية أو جاهلة فلا قضاء عليها ولا كفارة على الأصح وكذلك الرجل إذا كان ناسيًا أو جاهلاً، وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد (١).

هل تجب الكفارة على الترتيب؟

ذهب الجمهور (٢) إلى وجوب الترتيب في الكفارة فلا ينتقل إلى صيام الشهرين المتتابعين إلا إذا عجز عن العتق، ولا يطعم ستين مسكينًا إلا بعد العجز عن الصيام، على ظاهر حديث أبي هريرة المتقدم.

وذهب مالك إلى أنها على التخيير لما وقع في رواية مسلم لهذا الحديث عن أبي هريرة: أن رجلاً أفطر في رمضان، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يكفِّر بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينًا» (٣).

قالوا: رواية البخاري للحديث لا يلزم منها الترتيب فإن مثل هذا السؤال قد يستعمل فيما هو على التخيير، فيحمل على أن إرشاده إلى العتق لكونه أقرب لتنجيز الكفارة، وحمل بعضهم الترتيب على الأولوية والتخيير على الجواز.

وأما الجمهور فسلكوا مسلك الترجيح، فرجحوا رواية الترتيب على رواية التخيير بأن الذين رووا الحديث على الترتيب أكثر مع اتحاد المخرج وبأن راوي التخيير تصرف في اللفظ، وبأن الترتيب أحوط لأن الأخذ به مجزئ على القولين، والله أعلم.


(١) «المغنى» (٣/ ٢٧) ط. إحياء التراث العربي.
(٢) «المغنى» (٣/ ٣٤٤)، و «بداية المجتهد» (١/ ٤٥١)، و «فتح الباري» (٤/ ١٩٨).
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (١١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>