للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله- إلى أن عليه الكفارة فقط دون القضاء، وهذا قوي ومتجه، وهو موافق لما تقدم تحريره -في قضاء الصلوات، وما سيأتي في قضاء الصيام- من أنه لا يُشرع القضاء لمن ترك عبادة مؤقتة -بغير عذر- إلا بدليل جديد، والله أعلم.

هل تجب الكفارة على المرأة كالرجل؟

في حديث أبي هريرة المتقدم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الرجل بالكفارة، وسكت عن المرأة، ولهذا اختلف أهل العلم في المرأة التي جامعها زوجها، هل عليها كفارة أم لا؟ على أقوال (١): أحدها: ليس على المرأة كفارة مطلقًا: وهو مذهب الشافعي، وقول لأحمد، أن يجزيهما كفارة واحدة وأنها على الرجل دونها لما يأتي:

١ - أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المرأة بكفارة مع أنه جامعها والفعل قد حصل منه ومنها معًا، فدلَّ على أنه لو رأى عليها كفارة لألزمها ذلك ولم يسكت عنها.

٢ - وأنه حق مال اختص بالجماع فاختص بالرجل كالمهر.

الثاني: أن على المرأة الكفارة كالرجل: وهو قول الجمهور: أبي حنيفة ومالك وقول للشافعي وأحمد في أصح الروايتين عنه، على اختلاف وتفاصيل لهم في الحرة والأمة والمطاوعة والمكرهة، قالوا:

١ - لأنها هتكت صوم رمضان بالجماع فوجبت عليها الكفارة كالرجل، وقد سوَّت الشريعة بين الناس في الأحكام إلا في مواضع قام الدليل على تخصيصها، فإذا لزمها القضاء لأنها أفطرت بجماع متعمد كما وجب على الرجل، وجبت عليها الكفارة لهذه العلة كالرجل سواء.

٢ - وأما عدم أمر النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة بالكفارة، فهذا حكاية حال لا عموم لها وقد يمكن أن تكون المرأة مفطرة بعذر من مرض أو سفر أو تكون مكرهة أو ناسية لصومها أو نحو ذلك.


(١) «فتح القدير» (٢/ ٣٣٦)، و «المجموع» (٦/ ٣٧٠)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣٢٥)، و «الإنصاف» (٣/ ٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>