للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام في أثناء الصوم أنه يفسد صومه، وعليه القضاء إذا عاد إلى الإسلام، سواء أسلم أثناء اليوم أو بعد انقضائه، لقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} (١).

ولأن الصوم عبادة من شرطها النية فأبطلتها الردة.

ما يبطل الصيام، ويوجب القضاء والكفَّارة:

- وهو الجماع لا غيره:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل، فقال: يا رسول الله هلكت، قال: «ما لك؟»، قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل تجد رقبة تعتقها؟» قال: لا، قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟» قال: لا، قال: «فهل تجد إطعام ستين مسكينًا؟» قال: لا، قال: فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، فبينما نحن على ذلك أُتى النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَق فيها تمر، قال: «أين السائل؟» فقال: أنا، قال: «خذ هذا فتصدق به»، فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها (٢) -يريد الحرتين- أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: «أطعمه أهلك» (٣). وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن جماع الصائم في نهار رمضان عامدًا مختارًا بأن يلتقي الختانان وتغيب الحشفة في أحد السبيلين (القبل أو الدبر المحرم) مفطر، يوجب القضاء والكفارة أنزل أو لم ينزل.

قلت (أبو مالك): مستند الجمهور في إيجاب القضاء على المُجامع في رمضان هو زيادة وردت في بعض طرق هذا الحديث وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في آخره: «وصم يومًا مكانه» (٤)

وهي زيادة ضعيفة لا تثبت، ولذا ذهب ابن حزم -رحمه


(١) سورة الزمر: ٦٥.
(٢) يعني: بين طرفي المدينة.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (١٩٣٦)، ومسلم (١١١١).
(٤) حديث أبي هريرة المتقدم مروي من طريق الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة به بدون ذكر القضاء، رواه عن الزهري على هذا الوجه -فيما وقفت عليه- أكثر من عشرة من الثقات، في الصحيحين وغيرهما.
وخالفهم، هشام بن سعد عن الزهري عن أبي سلمة (!!) عن أبي هريرة وزاد: «وصم يومًا مكانه» أخرجه الدارقطني (٢/ ١٩٠)، وهشام بن سعد فيه ضعف.
ورواه عبد الجبار بن عمر عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب عن أبي هريرة بهذه الزيادة، وأخرجه ابن ماجه (١٦٧١) لكن عبد الجبار واهٍ، وعند مناكير كما قال البخاري، فلا يُفرح به، ثم إنه قد رُوى عن ابن المسيب مرسلاً ليس فيه ذكر أبي هريرة، أخرجه البيهقي (٤/ ٢٢٧).

وللحديث بهذه الزيادة شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٣٤٨) وفي سنده حجاج بن أرطأة، وهو ضعيف كذلك، فالذي يظهر لي أن هذه الزيادة لا تثبت، والله أعلم.
وانظر «المحلى» لابن حزم (٦/ ١٨٠) مسألة رقم (٧٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>