للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو نحو ذلك بقصد إخراجه بشهوة، فإن أنزل بشيء من ذلك متعمدًا ذاكرًا لصيامه فسد صومه ولزمه القضاء عند الجمهور (١).

وذهب ابن حزم إلى أنه إن استمنى -بغير جماع- لم يفسد صومه وإن تعمَّد، قال: «ولم يأت بذلك نص ولا إجماع ولا قول صاحب ولا قياس» (٢).

قلت: ومذهب الجمهور أرجح، ويُستدل له بقول الله تعالى في الحديث القدسي في شأن الصائم: «يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي» (٣) والاستمناء شهوة وكذا خروج المني، ومما يؤكد أن المني يطلق عليه (شهوة) قوله صلى الله عليه وسلم: «وفي بُضع أحدكم صدقة» قالوا: يا رسول الله، يأتي أحدنا شهوته ويكون له أجر؟ فقال: «أرأيتم لو وضعها في الحرام» ... الحديث (٤) فالذي يوضع هو المني وقد سماه شهوة.

أما إذا تفكر أو نظر فأنزل، ولم يتعمد بتفكره أو نظره إلى امرأته ونحو ذلك إنزال المني، لم يفسد صومه.

٧ - نيَّة الإفطار (٥): فإن نوى -وهو صائم- إبطال صومه، وعزم على الإفطار جازمًا متعمدًا ذاكرًا أنه في صوم، بطل صومه، وإن لم يأكل أو يشرب لأن «لكل امرئ ما نوى» ولأن الشروع في الصوم لا يستدعي فعلاً سوى نية الصوم، فكذلك الخروج لا يستدعي فعلاً سوى النية، ولأن النية شرط أداء الصوم، وقد أبدله بضده، وبدون الشرط لا تتأدَّى العبادة.

وهذا مذهب الشافعي وظاهر مذهب أحمد وأبي ثور والظاهرية وأصحاب الرأي إلا أن أصحاب الرأي قالوا: إن عاد فنوى قبل انتصاف النهار أجزأ، بناء على أصلهم أنه تصح النية من النهار.

٨ - الرِّدَّة عن الإسلام (٦): لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في أن من ارتد عن


(١) «الدر المختار» (٢/ ١٠٤)، و «القوانين الفقهية» (٨١)، و «روضة الطالبين» (٢/ ٣٦١)، و «الأم» (٢/ ٨٦)، و «المغنى» (٣/ ٤٨)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣٥٢).
(٢) «المحلى» (٦/ ٢٠٣ - ٢٠٥).
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (١٩٨٤)، ومسلم (١١٥١) عن أبي هريرة.
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (١٠٠٦) عن أبي ذر.
(٥) «المحلى» (٦/ ١٧٥)، و «المجموع» (٦/ ٣١٤)، و «المغنى» (٣/ ٢٥)، و «المبسوط» (٣/ ٨٧).
(٦) «المغنى» (٣/ ٢٥)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣٠٩).١

<<  <  ج: ص:  >  >>