للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا القول هو الأصح لموافقته الدليل، على أن يراعى الآتي:

١ - من أفطر قبل أن تغرب الشمس ثم تبين أنها لم تغرب، فيجب عليه الإمساك، لأنه أفطر بناء على سبب، ثم تبين عدمه.

٢ - هذا إذا غلب على ظنه غروب الشمس أو طلوع الفجر، أما إذا كان شاكًّا لم يغلب على ظنه: فإن أكل شاكًّا في طلوع الفجر صحَّ صومه لأن الأصل بقاء الليل حتى يتيقن الفجر أو يغلب على ظنه، وإن أكل شاكًّا في غروب الشمس، لم يصح صومه، لأن الأصل بقاء النهار، فلا يجوز أن يأكل مع الشك، وعليه القضاء ما لم يعلم أنه أكل بعد الغروب فلا قضاء حينئذ، والله أعلم.

تعمُّد الأكل والشرب يوجب القضاء فقط (١): وبهذا قال الشافعي وأحمد -في المشهور عنه- وأهل الظاهر، وكثير من أهل العلم، لعدم ورود نص يوجب الكفارة إلا في الجماع -كما سيأتي- فيقتصر عليه ولا يعدى به إلى غيره لعظم هتك حرمة الشهر، لإمكانه أن يصبر عنه إلى الليل بخلاف ما اعتاده من الأكل والشرب، ولأن الحاجة إلى الزجر عنه أمسُّ والحكم في التعدي به آكد.

بينما ذهب مالك وأبو حنيفة وإسحاق وطائفة إلى أن تعمد الأكل والشرب يوجب القضاء والكفارة قياسًا على الجماع لاشتراكهما في انتهاك حرمة الصوم.

والأول أصح لعدم النص، والأصل أن الكفارات لا يقاس عليها. والله أعلم.

٣ - تعمُّد القيء: فإن غلبه القيء وخرج بنفسه، فلا قضاء عليه ولا كفارة، بلا خلاف، لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدًا فليقض» (٢).

٤، ٥ - الحيض والنفاس: فمن حاضت أو نفست ولو في اللحظة الأخيرة من النهار، فسد صومها، وعليها قضاء هذا اليوم، بإجماع العلماء.

٦ - تعمُّد الاستمناء: وهو تعمد إخراج المني بما دون الجماع، كالاستمناء باليد


(١) «شرح فتح القدير» (٢/ ٧٠)، و «المدونة» (١/ ٢١٩)، و «المجموع» (٦/ ٣٢٩)، و «المغنى» (٣/ ١٣٠)، و «المحلى» (٦/ ١٨٥).
(٢) صححه الألباني: أخرجه أبو داود (٢٣٨٠)، والترمذي (٧١٦)، وابن ماجه (١٦٧٦)، وأحمد (٢/ ٤٦٨) وغيرهم، وأعله البخاري وأحمد كما في «نصب الراية» (٢/ ٤٤٨)، وصححه الألباني في «الإرواء» (٩٢٣)، و «صحيح الجامع» (٦٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>