للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه -وكانوا في غزوة-: «إنكم مصبحو العدو غدًا والفطر أقوى لكم» (١).

٢ - أن لا يشق عليه الصيام ولا يعوقه عن فعل الخير، فالأولى له الصيام، لعموم قوله تعالى: {وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ} (٢).

وعن أبي الدرداء قال: «خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم حارٍّ، حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة» (٣).

وعن عائشة أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أأصوم في السفر؟ -وكان كثير الصيام- فقال: «إن شئت فصُم، وإن شئت فأفطر» (٤).

ولأن الصوم -إذا لم يكن فيه مشقة- أسرع في إبراء الذمة، وأسهل على المكلف غالبًا أن يصوم مع الناس من أن يقضي والناس مفطرون.

٣ - أن يشق عليه الصوم مشقة شديدة غير محتملة قد تفضي إلى الهلاك، فهنا يجب الفطر ويحرم الصوم، كما في حديث جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة فسار حتى بلغ كراع الغميم، وصار الناس، ثم دعا بقدح من ماء، فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثم شرب، قيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال: «أولئك العصاة، أولئك العصاة» (٥).

وقت جواز الفطر للمسافر أحوال:

الأولى: أن يبدأ السفر قبل الفجر، أو يطلع عليه الفجر وهو مسافر، وينوي الفطر، فيجوز له الفطر إجماعًا، لأنه متصف بالسفر عند وجود سبب الوجوب (٦).

الثانية: أن ينشئ السفر بعد الفجر (أثناء النهار):

فهذب الجمهور (أبو حنيفة ومالك والشافعي ورواية عن أحمد) إلى أنه لا


(١) صحيح: أخرجه مسلم (١١٢٠).
(٢) سورة البقرة: ١٨٤.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (١٩٤٥)، ومسلم (١١٢٢).
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (١٩٤٣)، ومسلم (١١٢١).
(٥) صحيح: أخرجه مسلم (١١١٤)، ونحوه في البخاري (١٩٤٨) عن ابن عباس.
(٦) «القوانين الفقهية» لابن جزى (٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>