للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يُفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان» (١).

تنبيهان:

الأول: تخصيص صيام يوم النصف من شعبان بدعة:

فمن لم يكن من عادته الإكثار من صيام شعبان أو صيام الأيام الثلاثة البيض، فخص يوم الخامس عشر من شعبان بالصيام معتقدًا اختصاصه بفضيلة، ففعله بدعة إذ لا يصح في فضل النصف من شعبان ولا صيامه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل ما ورد في هذا فهو شديد الضعف أو موضوع كحديث على مرفوعًا: «إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها ...» (٢).

الثاني: لا يثبت النهي عن الصيام بعد انتصاف شعبان:

اختلف العلماء في صيام التطوع بعد انتصاف شعبان، فذهب الجمهور إلى جوازه، وذهب الشافعية إلى كراهته، مستدلين بحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا انتصف شعبان فلا تصوموا» (٣) لكنه ضعيف -على الراجح وقد أنكره الأئمة الذين يُدان بقولهم في هذا الشأن، فلا حرج في الصيام بعد انتصاف شعبان، ويؤيد هذا الأحاديث الصحيحة، كحديث عائشة المتقدم في صيام النبي صلى الله عليه وسلم لأكثر شعبان، وحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يتقدمنَّ أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم» (٤) ففيه النهي عن صوم يوم أو يومين فقط من آخر شعبان خشية أن يزاد في الشهر ويلحق به ما ليس منه، إلا أن يكون صومًا اعتاده فلا بأس، وعن أم سلمة قالت: «ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان» (٥).


(١) صحيح: أخرجه البخاري (١٩٦٩)، ومسلم (١١٥٦).
(٢) ضعيف جدًّا: أخرجه ابن ماجه (١٣٨٨).
(٣) منكر: أخرجه أبو داود (٢٣٣٧)، والترمذي (٧٣٨)، والنسائي في «الكبرى» (٢٩١١)، وابن ماجه (١٦٥١)، وأحمد (٢/ ٤٤٢) وقد أنكره عبد الرحمن بن مهدي وأحمد ويحيى ابن معين وأبو زرعة وغيرهم، وقد تكلمت عليه في تعليقي على «شرح البيقونية» لابن عثيمين (ص ٢٢ - ٢٤)، وقد صححه العلامة الألباني رحمه الله!!.
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (١٩١٤)، ومسلم (١٠٨٢).
(٥) صحيح: أخرجه الترمذي (٧٢٦)، والنسائي (٤/ ١٥٠)، وابن ماجه (١٦٤٨)، وأحمد (٦/ ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>