للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: لا يصح دليل في المنع من صيام التطوع قبل القضاء، بل يدل على الجواز أن الله تعالى أطلق القضاء بقوله: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (١). ويدل عليه كذلك حديث عائشة قالت: «كان يكون عليَّ الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان» (٢).

ولا شك أنها كانت تتطوع في أثناء العام، وكان هذا بعلم النبي صلى الله عليه وسلم فهو إقرار منه، ثم إن القضاء واجب يتعلق بوقت موسع، فجاز التطوع في وقته قبل فعله كالصلاة يتطوع في أول وقتها. والله أعلم.

٤ - المرأة تستأذن زوجها في الصيام:

لا يجوز للمرأة أن تصوم صيام تطوع في حضور زوجها بغير إذنه، لحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه» (٣).

وسبب هذا أن الزوج له حق الاستمتاع بها في كل الأيام، وحقه منه واجب على الفور، فلا يفوته بتطوع ولا بواجب على التراخي (٤).

فقد جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن زوجي صفوان بن المعطل يضربني إذا صليت، ويفطرني إذا صمت، ولا يصلي الفجر حتى تطلع الشمس، فقال صفوان: يا رسول الله، أما قولها يضربني إذا صليت، فإنها تقرأ بسورتين وقد نهيتنا، قال: فقال: «لو كانت سورة واحدة لكفت الناس» وأما قولها: يفطرني، فإنها تنطلق فتصوم وأنا رجل شاب فلا أصبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ: «لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها» ... الحديث (٥).

فإذا كان زوجها غائبًا عنها فصومها التطوع جائز بلا خلاف، لمفهوم الحديث ولزوال معنى النهي (٦). والله أعلم.


(١) سورة البقرة: ١٨٥.
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (١٩٥٠)، ومسلم (١١٤٦).
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٥١٩٢)، ومسلم (١٠٢٦).
(٤) «البدائع» (٢/ ١٠٧)، و «المدونة» (١/ ١٨٦)، و «شرح مسلم» للنووي (٣/ ٦٥).
(٥) صحيح: أخرجه أبو داود (٢٤٥٩)، وأحمد (٣/ ٨٤)، والبيهقي (٤/ ٣٠٣).
(٦) «المجموع» للنووي (٦/ ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>