للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الإجماع: فقد أجمعت الأمة على وجوب الحج - على المستطيع- مرة واحدة في العمر (١)، وهو من المعلوم من الدين بالضرورة يكفر جاحده (٢).

هل يجب الحج على الفورية أو التراخي؟

ذهب جمهور العلماء: أبو حنيفة -في أصح الروايتين- وأبو يوسف، ومالك وأحمد (٣) إلى أن من وجدت عنده شروط وجوب الحج -التي ستأتي- وتحقق فرض الحج عليه، فإنه يجب عليه الفور، وأنه يأثم بتأخيره واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} (٤).

٢ - وقوله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا» (٥).

والأصل في الأمر أن يكون على الفور ما لم يصرفه صارف (٦).

٣ - قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أراد الحج فليتعجل» (٧).

٤ - وبما روى مرفوعًا: «من ملك زادًا وراحلة تبلغ إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديًا أو نصرانيًّا» (٨).

بينما هب الشافعي ومحمد بن الحسن وبعض السلف إلى أنه يجب على التراخي، فلا يأثم بتأخير الحج -مع الاستطاعة- بشرط العزم على فعله في


(١) هذا إذا لم ينذر أن يحج، فإن نذره وجب عليه أيضًا.
(٢) «المغنى» (٣/ ٢٤١)، و «المجموع» (٧/ ١٣).
(٣) «المغنى» (٣/ ٢٤١)، و «المجموع» (٧/ ٨٥)، و «الفروع» (٣/ ٢٤٢).
(٤) سورة آل عمران: ٩٧.
(٥) صحيح: تقدم قريبًا.
(٦) ولهذا غضب النبي صلى الله عليه وسلم -في غزوة الحديبية- حين أمرهم بالإحلال فتباطئوا كما عند البخاري (٢٧٣١).
(٧) ضعيف: أخرجه أحمد (١٧٣٧)، وابن ماجه (٢٨٨٣)، والطبراني (١٨/ ٢٨٧ - ٢٩٦)، والبيهقي (٤/ ٣٤٠)، وغيرهم من طريق أبي إسرائيل الملائي عن فضيل بن عمرو عن ابن جبير عن ابن عباس عن الفضل، وأبو إسرائيل فيه ضعف وله أغاليط، وقد تابعه -متابعة ناقصة- مهران أبو صفوان عن ابن عباس بنحوه أخرجه أبو داود (١٧٣٢)، وابن أبي شيبة (٣/ ٢٢٧)، وأحمد (١٨٧١)، والدارمي (١٧٨٤)، والبيهقي (٤/ ٣٣٩) وغيرهم، لكن مهران مجهول، فلا تفيد متابعته، والله أعلم.
(٨) ضعيف: أخرجه الترمذي (٨١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>